للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأنه مَن لَيْس له ولَد ولا والِد (١)، بأنه الميت يَموت ليس له ولَد ولا والِد، يَعنِي: لا أُصولٌ ولا فُروعٌ. هنا نَأخُذ بتَفسير أبي بَكْر؛ لأنه من الصَّحابة، والصَّحابة أَعلَم النَّاس بتَفسير كلام الله عَزَّ وَجَلَّ.

ومَعنَى قولنا هذا: أنه لو جاء أحَدٌ من المُتأخِّرين، وفسَّر القُرآن بخِلاف ما فسَّرَت به الصحابة، فإننا لا نَرجِع إلى قوله أبَدًا.

رابِعًا: إذا لم نَجِد في القُرآن ولا في السُّنَّة، ولا في كلام الصحابة، نَرجِع إلى أقوال التابِعين، ولا سيَّما مَن عُرِف مِنهم بالتَّلقِّي عن الصحابة، مثل مجُاهِد بنِ جَبْر رَحِمَهُ اللَّهُ، فإنه قال: عرَضْتُ المُصحَف على ابن عبَّاس مرَّتَيْن أو أكثَرَ أَقِف عند كل آية وأَسأَله عن مَعناها (٢). فمِثْل هذا يُؤخَذ بقوله؛ لأنه أخَذ عن الصحابة، وإن كان بعض التابِعين قد لا يَنال هذه المَرتَبة، لعدَم أَخْذه عن الصَّحابة، لكن التابِعون أَقرَبُ إلى المعنى الصَّحيح ممَّن بَعدَهم إلَّا أنهم - كما عرَفْتم - يَقِلُّون مَرْتَبةً عن الصحابة.

خامِسًا: نَرجِع إلى المعنى الحَقيقيِّ للكلِمة، وهو المعنى اللُّغويُّ، يَعنِي: نَرجِع إلى مَعنَى الكلِمة في اللُّغة العرَبية، ودليلُ ذلك قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} [الزخرف: ٣]، يَعنِي: تَفهَمون المَعنَى، وهذا إحالة من الله عَزَّ وَجَلَّ إلى اللُّغة العرَبية، وأنَّ عَقْل القُرآن يَكون بمُقتَضى اللُّغة العرَبية، ولنا حُجَّة.

فإذا قال قائِل: ما دَليلُك على أن معنى هذه الكلِمةِ هو كذا؟


(١) أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ٣٠٤)، وسعيد بن منصور في التفسير من السنن رقم (٥٩١)، وابن أبي شيبة (١٦/ ٣٧٠).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٨٥)، والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٧٧، رقم ١١٠٩٧).

<<  <   >  >>