للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دون ما أَراد الله، لا قُصورٌ، ولا مَدافِعُ، ولا طائِراتٌ، ولا أيُّ شيء {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}.

لكن مِن رحمة الله عَزَّ وجلَّ أن أَرسَل إلينا رسولًا علَّمَنا كيف نَتوَضَّأ، وكيف نُصلِّي، ثُم يَترَتَّب على هذا الوضوءِ والصلاة مَغْفِرَةُ الذُّنوب، إذا تَوضَّأ الإنسان فإنَّ خطاياه تَخرُج مع آخِر قَطْرة من قَطْر الماء، وإذا صلَّى؛ فالصَّلواتُ الخمْسُ مُكَفِّرَاتٌ لمِا بَيْنَهُنَّ، وإِذا تَوَضَّأ في بَيْتِهِ وأَسْبَغَ الوُضُوءَ، وخَرَج إِلى المَسجِد لا يُخرِجه إلَّا الصَّلاة، لم يَخُطَّ خُطوةً واحِدةً إِلَّا رَفَعَ الله لَهُ بِها درَجَةً، وَحَطَّ عَنْه بِهَا خَطِيئةً، أَحْصِ خُطواتِك من بيتك إلى المَسجِد في اليوم والليلة خمس مرَّات، كل هذا مِن فَضْل الله عَزَّ وجلَّ ولولا أنَّ الله هَدانا هِداية إرشاد -ونَسأَل الله تعالى أن يُتمِّمَها بهِداية التَّوْفيق- لولا ذلِك لَهلَكنا، ولم نَعرِف كيف نَعبُد الله، وهذا من رحمة الله، أَرسَل الرسُل للناس ليُبيِّنوا لهم.

فإن قال قائِل: هل الإنسانُ مَأْجور على خُطواته إذا جاء إلى المَسجِد، وإذا عاد منه؟

فالجَوابُ: أي نعَمْ، أمَّا إذا جاء إلى المَسجِد، فقَدْ تقدَّم، وأمَّا إذَا رَجَع ففِي قِصَّةِ صَاحِبِ الحَمَّار الذي كان بَعيدًا من المَسجِد، فقيل له: أَلا تَشتَرِي حِمارًا تَركَبه؟ ! فقال: يا رَسولَ الله، إني أَحتَسِب مَمْشايَ إلى المَسجِد ورُجوعِي مِنْه. فقال: "لَكَ مَا احْتَسَبْتَ" (١). فإِذا احتَسَب الإنسان هذا، فله ما احتَسَب.

لكن أَقول: إنه يَفوتنا كثيرًا الاحتِساب، فنُصَلِّي ونُريد أن نُؤدِّيَ الصلاة التي علَيْنا فقَطْ، لكن لا نَشعُر بأننا نَحتَسِب أَجْرها، وأننا سنَجِد أَجْر هذه الصلاةِ،


(١) أخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب فضل كثرة الخُطا إلى المساجد، رقم (٦٦٣)، من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>