للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي عِلْم التَّفْسير يَطمئِنُّ القَلْب، وفي عِلْم التَّفْسير يَعرِف الإنسان قَدْر هذا القُرآنِ العظيم، الذي وصَفه الله بعِدَّة أَوْصاف عَظيمة: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)} [الحجر: ٨٧]، وأَكثَرُنا - عفا الله عنَّا - لا يَعتَنِي بالتَّفسير، ولا يَهتَمُّ به، رُبَّما يَستَشرِق كِتابَ عَالِمٍ منَ العُلَماء، يُخطِئ ويُصيب، ويَتأمَّل هذا الكِتابَ مَنطوقًا ومَفهومًا وإشارةً وإيماءً، وغير ذلك من أنواع الدَّلالة، لكن كَلام الله لا يَعتَني به، ولولا أنه يَتبرَّك به في أَجْره لما عَرَّج عليه أصلًا إلَّا أن يَشاءَ الله. وهذا غلَط، حتى في طلَبة العِلْم الآنَ مَن لا يَهتَمُّ بالتَّفْسير، تَجِده يَهتَمُّ بكُتُب الفِقْه، يَهتَمُّ في كتُب الحديث، يَهتَمُّ في كتُب الرِّجال؛ ويُعرِض عن هذا الذي هو أَصْل الأصول، الذي يَجِب علينا أن نَعرِفه، والَّذي سنُحَاسب عليه. "الْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ".

استَوقِفْ شخصًا من أكبَر طلَبة العِلْم عند آية من القُرآن؛ قل له: ما مَعناها؟ ماذا يَقول؛ إمَّا أن يَكون جَريئًا فيَقول: أَراد الله بهذا كذا وكذا. وهو لم يُرِد ذلك، أو أنه يَكون ورِعًا، ويَقول: لا أَدرِي.

لكن لو أنَّ طلَبة العِلْم أخَذوا القُرآن من أوَّله يَقرَؤُونه ويَتَدبَّرونه ويَتَأمَّلونه، لوجَدوا خيرًا كثيرًا، وانفَتَح لهم من أبواب المَعرِفة ما لا يَخطُر على البال، والله عَزَّ وَجَلَّ يَقول في القُرآن الكريم: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: ١٧]، ليس هو صَعْبًا، القُرآن إذا أَقبَلْت عليه حَقيقةً بقَلْب ونِيَّة جازِمة؛ فهو سَهْل، أَسهَلُ من جميع الكُتُب؛ لأن الله يَقول: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧].

هده نبد تَكلَّمتُ بها - أَسأَل الله تعالى أن يَنفَع بها - في مُقدِّمة التَّفْسير، ومِثْل هذه القَواعِدِ سوف تُفيدُ، إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>