للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائِلٌ: يَقول بعضُهم: إنَّه هُناك شَيْئان ليس لهما سنَد: التَّفْسير والتاريخ، فما صِحَّة هذا القولِ؟

فالجوابُ: نعَمْ، هذا يُذكَر عن الإمامِ أَحمدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال فيه ثلاثة: المَغازِي، والسِّيَر، والتَّفْسير (١). ومُراده بأنها ليس لها سنَد، أنَّ الناس يَتَناقَلونها بدون إسناد، فمثَلًا يَقول: قال مجُاهِد كذا، قال ابنُ عباس كذا، بدون إسناد هذا المَعنَى.

كذلك التَّواريخُ تَجِد مثلًا الناس يَتكلَّمون بهذا في غَزوة أحُدٍ، لكن لا تَجِد الرجُل يَقول؛ حدَّثَني فُلان عن فُلان حتَّى يَصِل إلى الغَزْوة، وكذلك يُقال في السِّيَر، هذا مُراد الإمامِ أَحمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَصْده بذلك أَنَّك إذا سَمِعت مثل هذا الذي اشتُهِر ونُقِل أن تَتَأكَّد منه.

فإن قال قائِل: لو أنَّ شيخًا أو مُدرِّسًا عرَض على طلابه تَفسير آية، وقال: ما تَقولون في هذه الآيةِ؟ وهو عالِم بها فجلَسَ التلاميذ يَقولون، هذا بقوله، وهذا بقوله، هل يَدخُلون في ضِمْن مَن يُفسِّر القُرآن برَأْيه؟

فالجَوابُ: لا، هذا لا يَدخُل في ضِمْنه؛ لأن هذا الذي قال: مَعنَى الآية كذا. لا يُريد أنَّ هذا المَعنَى مُستَقِرٌّ، لكن يَعرِضه على شيخ أَعلَمَ منه، فكأنه حينما يَقولُ: أَراد الله كذا. كأَنَّه يَقولُ بلِسان الحال: هل أَراد الله بهذا كذا؟ فهذا لا يُعتَبر تَفسيرًا للقُرآن بالرَّأْي ولا محُرَّمًا.

فإن قال قائِل: بعض الناس يَترُكون التَّفسير ويَتَّبعون السُّنَّة وآثار الرِّجال، وما أَشبَه ذلك، ويُعلِّلون وَيقولون: إن أَهْل البِدَع يَستَدِلُّوَن بالعُمومات من القُرآن،


(١) أخرجه عنه ابن عدي في الكامل (١/ ٢١٢)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي (٢/ ١٦٢).

<<  <   >  >>