للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في العقائِد، أو يَكتُبون في العقائِد يَقولون: من غير تأويل. ولكن ما قاله هو الصحيح؛ لأن كل تَأويل لا يَدُلُّ عليه الدليلُ فهو تَحْريف.

إِذَنْ: نحن نُثبِت لله بأنه يَمقُتُ وَيكرَه ويُبغِض حقًّا على حَقيقته، وأمَّا العُقوبة فهي من لازِمِ ذلك.

ولهذا قال شيخُ الإسلام (١) وغيرُه: قال: أنتُمْ إذا أَثبَتُّم أنَّ الله تعالى يُعاقِب فقَدْ أَثبَتُّم أنَّ الله يَكرَه، بطريق اللُّزوم. إذ لا يُعاقِب إلَّا مَن يَكرَهه، لا يُمكِن أن يُعاقِب من يُحبُّه، فأنتُم لمَّا فرَرْتم من إثبات الكراهة أو المَقْت، وقَعْتم فيه من وَجهٍ آخَرَ.

إِذَنْ نَقوُل: إذا أَثبَتُّم العُقوبة فلا عُقوبةَ إلَّا بعد مَقْت وكَراهة، هذا أَمْر ضَروريٌّ؛ لأنه لا يُمكِن لأحَد يُحِبُّ شخصًا أن يَقوم ويَضرِبه.

مسألة: كيف نَجمَع بين قول عُمرَ بنِ الخَطَّاب - رضي الله عنه -: وافَقْت ربي في ثلاث (٢). وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}؟

فالجَوابُ: يُوافِق حُكْم الله؛ لأنه يَتكلَّم عنه حُكْم الله عزَّ وَجَلَّ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات العِنْدية لله عَزَّ وَجَلَّ، عِند الله، ثُمَّ العِنْدية نوعان: عِنْدية وَصْف، وعِنْدية قُرْب. فقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأعراف: ٢٠٦]، هذه عِندية قُرْب. وقوله هنا: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} [غافر: ٣٥] عِنْدية وَصْف؛ لأن المَقْت ليس شيئًا مُنفصِلًا بائِنًا عن الله، حتى يَكون عِنْدية قُرْب، بل هذا عِنْدية وَصْف، كما تَقول للشخص: أنت عِنْدي عَزيز. تَقوله


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ٢٧).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب ما جاء في القِبلة، رقم (٤٠٢)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه، رقم (٢٣٩٩).

<<  <   >  >>