للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن وجهَ تَفسير القُرآن باللُّغة هو الوَجهُ الصحيح؟

فالجَوابُ: إذا وجَدْنا كلِمة لم تُفسَّر بالقُرآن ولا بالسُّنَّة، ولا بأَقْوال الصَّحابة، فنَرجع إلى اللغة؛ لأن القُرآن - كما قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)} [الشعراء: ١٩٥]، {إِنَّا جَعَلْنَاهُ} [الزُّخرُف: ٣] أي: صيَّرْناه {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} أي: باللُّغة العرَبية {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} انظُرِ الآياتِ الثانية {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ} [الشعراء: ١٩٨، ١٩٩]، أَكمِل {مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ}؛ لأَنَّهم لا يَفهَمون مَعناه.

فإن قال قائِل: قُلتُ: إن مَن فسَّر القُرآن برَأْيه، ولو كان من العُلَماء كيف نَجمَع بين هذا وحديث النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتهد فأَصاب ... " إلخ (١).

فالجَوابُ: إذا اجتَهَد، والذي يُفسِّر القُرآن برَأْيه لم يَجتَهِد، وأنا ضرَبْت لكم عِدَّة أمثِلة من التَّفْسير بالرأي، ليس مَعنَى التفسير بالرَّأْي أنْ تُفسِّر القُرآن حَسب ما تَقتَضيه اللُّغة العرَبية، التَّفسير بالرَّأي أَنْ تَحمِل مَعنى القُرآن على رَأْيِك، وهذا إنما يَكون في المُتعَصِّبين لمَذاهِبهم، الذين يُحاوِلون أن يَلْووا أعناق النُّصوص إلى ما كانوا عليه.

* * *


(١) أخرجه البخاري: كتاب الاعتصام، باب أجر الحاكم إذا اجتهد، رقم (٧٣٥٢)، ومسلم: كتاب الحدود، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد، رقم (١٧١٦)، من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>