للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَخلَّقوا بأَخْلاق الله؟ ! . هل نُسمِّي أَوْصافَ الله أخلاقًا؟ ! أبَدًا لا نُسمِّيها، لأنَّ كلِمة أخلاق قد تَدُلُّ على خَلْق كَسْبي، والأخلاق نَوْعان: غَريزي وكَسْبي، لا إشكالَ في هذا.

ولهذا لمَّا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ قال: "إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله؛ الحِلْمُ وَالْأَنَاةُ" قال: يا رسولَ الله، أَخُلُقان تَخلَّقتُ بهما، أَمْ جَبَلَني الله عليهما؟ قال: "بَلْ جَبَلَكَ الله عَلَيْهِمَا" (١) قال: الحمدُ لله الذي جبَلَني على ما يُحِبُّ أو كلِمة نحوها.

فالأخلاقُ كَسْبيٌّ وغَريزيٌّ، ولا يُمكِن أن نُسمِّيَ أوصاف الله تعالى أخلاقًا له، بل نَقول: أَوْصاف وصِفات وما أَشبَه ذلك، على أنَّ من العُلَماء مَن أَنكَر أن تَقول: لله صِفة، مِثل ابنِ حَزْم رَحِمَهُ اللهُ قال: إيَّاك أن تَقول: لله صِفة. الله ليس له صِفة. ولا بأس بالأسماء. لكنه محَجوج بقول الرجُلِ الذي كان يَقرَأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قال: "إنها صِفة الرَّحْمن، وأُحِبُّ أن أَقرَأَها" (٢).

ونحن نَقول: إن هذه الآيةَ تَدُلُّ دَلالة واضِحة على كَذِب هذه القاعِدةِ التي قعَّدها مَن قعَّدها من الناس، ونحن نَقول لكل مُؤمِن: تَخلَّق بأخلاق النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن نَبيَّنا - صلى الله عليه وسلم - لنا أُسْوَة.

قال المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [بتَنوين القَلْب ودونَه، ومتى تَكبَّر القَلْب تَكبَّر صاحِبُه


(١) أخرجه أبو داود: كتاب الأدب، باب في قبلة الرِّجل، رقم (٥٢٢٥)، من حديث زارع - رضي الله عنه - وكان في وفد عبد القيس.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، رقم (٧٣٧٥)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، رقم (٨١٣)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>