بالكُلِّية، أو الإشراك به مع الإقرار به، فيَكونون يَدْعونه إلى شَيْئَيْن إمَّا إنكار الخالِق عز وجل، وهذا مُستَفاد من قوله:{وَأُشْرِكَ بِهِ}؛ أي: أَجحَده، أو إثباته مع وُجود شَريك له، وهذا مُستَفاد من قوله:{وَأُشْرِكَ بِهِ}.
وقوله:{مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} هذا قَيْد مُبيِّن للواقِع، وأن كل مَن أَشرَك بالله فإنه مُشرِك بلا عِلْم، بل بما يُعلَم بالفِطْرة خِلافه، ولكن من المَعلوم أن الشَّيْء إذا كان بلا عِلْم فإنه لا ثُبوتَ له ولا أَصلَ له.
فالصِّلة في قوله:{مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ}؛ لبَيان الواقِع، وقد بيَّنَّا أن كل قَيْد لبَيان الواقِع أو الغالِب أو المُبالَغة؛ فإنه لا مَفهومَ له.
وقوله:{وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ} بدَأ هنا باسْمِ العَزيز؛ لأن المَقام يَقتَضيه؛ إذ إن هَؤلاءِ أَقْباط من آل فِرعونَ يَظُنُّون أن العِزَّة لهم، فقال:{أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ} ولم يَقُلْ: إلى الغَفور الرَّحيم. بل قال:{إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ} يَعنِي: {الْعَزِيزِ} الغالِب، فيُهلِككم إذا أَنْتم أَشرَكْتم به أو كفَرْتُم به {الْغَفَّار} يَغفِر لكم ما سبَقَ إن أَنتُم آمَنْتم به، وهذا من تمَام فِقْه هذا الرجُلِ المُؤمِن، فإنه قد يَقول قائِل: إن المَقام يَقتَضِي: وأنا أَدعوكم إلى الغَفور الرَّحيم. لكن الأَمْر بالعَكْس المَقام يَقتَضِي ذِكْر اسمِه العَزيز؛ لأن هَؤلاءِ يَدَّعون أنهم فَوقَ الناس، وأن ربَّهم فِرعونُ، وأنه لا غالِبَ لهم.
وقوله:{الْعَزِيزِ} اسمٌ من أَسْماء الله، و {الْغَفَّارِ} اسم من أَسْماء الله، والغَفور اسمٌ من أسماء الله.
وليُعلَم أن أسماء الله سبحانه وتعالى تَنقَسِم إلى قِسْمين: الأوَّل ما كان مُشتَقًّا من وَصْف مُتعدِّد، فهذا لا يَتمُّ الإيمان به إلَّا بأُمور ثلاثة: