للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأوَّل: إثباتُه اسمًا لله، والثاني: إثباتُ الصِّفة التي دلَّ عليها، والثالِث: إثبات الحكْم المُترَتّب على هذه الصِّفةِ.

والقِسْم الثاني غير مُتعَدٍّ، لا يَتمُّ الإيمان به إلَّا بإثبات اثنَيْن، إثباته اسمًا من أسماء الله، وإثبات الصِّفة التي دَلَّ عليها؛ لأن كلَّ اسمٍ من أسماء الله يَدُلُّ على صِفة ليس لله اسمٌ يَكون جامِدًا، خِلافًا لمَن قال: إن كلِمة (الله) اسمٌ جامِد غير مُشتَقٍّ، وهذا ليس بصحيح، ما من اسمٍ من أسماء الله إلَّا وهو مُشتَقٌّ؛ لأن الله وصَفَ أسماءَه بأنها حُسنَى، وما لا يَتَضمَّن من وَصْف ليس بحَسَن فضلًا عن أن يَكون أحسَنَ.

نَضِرب أمثِلة لهذا: (الحي) من اللازِم تُؤمِن به اسمًا من أسماء الله، وبالحياة التي دَلَّ عليها الاسمُ، و (السَّميع) مُتعَدٍّ تُؤمِن بالسميع اسمًا لله، وبالسَّمْع صِفة لله، وبأنه يَسمَع إثباتًا للحُكْم، وهو الأثَر المُترَتِّب على هذه الصِّفةِ.

ثُمَّ اعلَمْ أن الاسم يَتضَمَّن أحيانًا صِفة وأحيانًا صِفَتَيْن، وأحيانًا أَكثَرَ؛ لأن أنواع الدَّلالة ثلاثة: مُطابَقة، وتَضمُّن، والتِزامٌ.

فمَثلًا من أسماء الله تعالى الخلَّاق {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨٦)} [الحجر: ٨٦] والخلَّاق والخالِق من أسماء الله، مثل الغَفور وغافِر الذَّنْب والغَفَّار؛ فتُؤمِن بالخلَّاق اسمًا من أسماء الله، وتُؤمِن بصِفة الخلْق التي تَضمَّنها اسمُ الخلَّاق، وإيمانك بالاسم والصِّفة هذا إيمان بدَلالة المُطابَقة، وإيمانك بالاسم وحدَه أو بالصفة وحدَها إيمان بدَلالة التَّضمُّن، ثُم إيمانك بأنه عَليم قَدير، إيمان بدَلالة الِالْتِزام؛ لأنه ما من خَلَّاق إلَّا وهو عَليم، وما من خَلَّاق إلَّا وهو قادِر، لأنه إن كان جاهِلًا فكيف يَخلُق، وإن كان عاجِزًا فكيف يَخلُق؟ ! فدَلالة الخلَّاق على العِلْم والقُدْرة دَلالة التِزام.

<<  <   >  >>