للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما إذا أَمكَن الإنسان السلامة فالسلامة خَيْر، لكن يَأتيك بعض الناس، وَيقول لك: أَخبِرْني عن الفَرْق بين الحديث القُدسيِّ والقُرآن.

فالفَرْق هو هذا: أن الحَديث القُدسيَّ ليس لَفْظ الله عز وجل؛ لأنه لو كان لَفْظ الله لكان مُعجِزًا، ولثَبَت له أحكام القُرآن، بحيث لا يَقرَؤُه جُنُب، ولا يُمَسُّ إلَّا بطَهارة، ولا أحَدَ يَقدِر على تَحريفه، وما أَشبَه ذلك، وهذا كلُّه مُنتَهٍ.

فإذا قال قائِل: أَليْس الرسولُ يَقول: قال الله؟

قُلْنا: بلى. أَليْس الله يَقول: قال فِرعونُ، قال مُوسى. وما أَشبَه ذلك وهو بغَيْر لُغَتهم، هذا لا يَمنَع.

ثُم لو قُلْنا: إنه كلام الله باللَّفْظ، أَشكَل علينا إِشْكال عَظيم، فإمَّا أن يَكون بواسِطة جِبريلَ، أو بغير واسِطة، فإن كان بغَيْر واسِطة كان أعلى سنَدًا من القُرآن؛ لأنَّ القُرآن بواسِطة جِبريلَ، وإن كان بغير واسِطة، فأي إنسانٍ يَقول: بغير واسِطة. فإنَّه ربما نَخنُقه أو نُعطِيَه كفًّا على الرأس.

وإذا جعَله بواسطة والرسول حذَف الواسِطة صار عِندنا إشكال وهو التَّدليس، والرسول - صلى الله عليه وسلم - مُنزَّهٌ عن هذا.

فالمَسأَلة كما قلت: أحَدٌ يَقول: إنه كلام الله لَفْظًا ومَعنًى. والثاني يَقول: كلام الله مَعنًى لا لَفظًا، والثالث يَسكُت يَقول: نَقول: قال الله. ونَسكُت، وهذا إذا حصَل للإنسان السلامة فهو أَسلَمُ، لكن كما قُلْت لكم، أحيانًا يَقول لك: لازِم! أَعطِني الفَرْق بين القُرآن والحديث القُدسيِّ، نَقول: هذا الفَرقُ: القُرآن كَلام الله لفظًا ومَعنًى، والحديث القُدسيُّ كلام الله مَعنًى لا لفظًا.

<<  <   >  >>