للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمَّا بعد ذلك فالأصل أن العَذاب على الرُّوح، وقد تَتَّصِل بالبدَن، كما قال ذلك شيخُ الإسلام ابنُ تَيميَّةَ (١) رَحِمَهُ الله، وإن شِئْنا قُلْنا: هذا بَحْث لا طائِلَ تَحتَه، ولم يَسأَل عنه الصحابة، فنُثبِت عَذاب القَبْر على حَسب ما جاء في الكِتاب والسُّنَّة لا نَزيد ولا نَنقُص.

مسألة: بعض النَّصارى أرد أن يضع جهازًا في القبر، ويَقول: نحن نُريد أن نُصدِّق هل كلامُكم صَحيحٌ أيها المُسلِمون حينما تَقولون: إن عَذاب القَبْر ونعيم القَبْر ثابِت؛ فما الرد عليه؟

نَقول: لو أَرادَ الله أن يَسمَعوه بالمُسجِّل لأَسمَعَكم إيَّاه بآذانِكُم، وما أنتم بمُصدِّقين.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: وجود النار؛ لقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}، ووجودها ثابِت في القرآن والسُّنَّة، وقد رأَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - النار حين عُرِضت عليه وهو يُصلِّي بالناس صلاةَ الكُسوف (٢)، ورأَى فيها مَن يُعذَّب، فالنار مَوْجودة الآنَ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات قِيام الساعة؛ لقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}، ونحن نُؤمِن بالساعة وأنَّها ستَقوم، وسيُبعَث الناس، وبهذا نَعرِف أن ما يَذكُره بعض الناس اليوم حين يَموت الرجُل فيُدفَن يَقولون مثَلًا: إنهم ذهَبوا به إلى مَثواهُ الأخيرِ. هذه الكلِمة كلِمة كُفْر، إذا قلت: إلى مَثواهُ الأَخيرِ. فهذا يَعنِي أنَّه لا بَعثَ بعد ذلك، وأن هذا آخِر مَرحَلة للإنسان، وليس الأمر هكذا، ولهذا نَقول: إنَّ مَن قال هذه الكلِمةَ


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٢٨٢).
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، رقم (٩٠٤)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>