وهو يَعرِف مَعناها ويُريده فإنه كافِر؛ لأنه مُنكِر للبَعْث، أمَّا مَن قالها وقال: إلى مَثواهُ الأخيرِ. باعتِبار الدُّنْيا المُشاهَدة فهذا صحيح، لكن ظاهِر العِبارة الكُفْر؛ ولهذا يَجِب التَّحرُّز منها، ويُقال مثَلًا: ذهَبوا به إلى قَبْره، ذهَبوا به إلى محَلِّ زِيارته.
الواقِعُ أنَّ القَبْر زِيارة، قال الله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: ١ - ٢] , ولمَّا سمِع أعرابيٌّ رجُلَّا يَقرَؤُها قال: والله إن الزائِرَ ليس بمُستَقِرٍّ. يَعنِي أن هُناك شَيْئًا وراءَ هذا القَبرِ، وصدَقَ، الزائِرُ ليس هو مُستَقِرًّا، يَزور ويَمشِي.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إهانة الكُفَّار؛ إهانة بدَنية، وإهانة قَلْبية، تُؤخَذ من تَوْبيخهم وإهانَتِهم:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ}، ولا شَكَّ أن قُلوبهم تَتَأثَّر بهذا، وستَجِد الحسْرة والنَّدامة -والعِياذُ بالله -.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: التَّبْكيت على آل فِرعونَ، كأنه قال: ادْخُلوا -آلَ فِرعونَ- وانظُروا هل يَنفَعُكم أن تَكونوا من آلِهِ أو لا، ففيها نوعُ تَبكيت لهؤلاءِ.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ النار أشَدُّ العَذاب، وأن كل ما قَبْلها أَهوَنُ منها؛ لقوله:{أَشَدَّ الْعَذَابِ}، ولا شَكَّ أنها أشَدُّ العَذاب، كذلك نَقول بالنِّسبة للنَّعيم: ما يَجِده المُؤمِن من النَّعيم في القَبْر، فليس بشيء بالنِّسبة لما يَجِده يوم القِيامة، فأَكمَلُ النَّعيم يَكون بدُخول الجنَّة وما قَبلَه فهو كالتَّقدِمة بين يديه.
فإن قال قائِل: هل يُستَدَلُّ على عَذاب القَبْر بما يَراه الإنسان في مَنامه من الأحلام والمَنامات؟
فالجَوابُ: لا يُستَدَلُّ، لكن يُستَدَلُّ به على دَفْع دَعوى أهل الإِلحْاد؛ حيث قالوا: إنَّكُم تَقولون: إن الميَت يُقعَد في قبره ويُعذَّب. ونحن نَحفُر القَبْر ونَجِد أن الميِّت باقٍ على ما هو عليه.