للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: ٤٧] إِذَنْ فهِي أَجرامٌ، ولا شكَّ في هذا، وهي أجرام مَحفوظة لا يُمكِن الوُلوج إليها إلَّا بعد إِذْن، وَيدُلُّ لهذا أن أَفضَل الرُّسُل البشَرية محُمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -، وأَفضَلَ الرُّسُل الملَكية جِبريلَ؛ كِلاهُما لم يَدخُل السماء الدنيا وما بعدَها إلَّا بعد استِئْذان، مِمَّا يَدُلُّ على كَمال حِفْظها.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: مِنَّة الله تعالى علينا نحن البَشَر أن صوَّرنا هذا التَّصويرَ البَديع الذي هو أحسَن الصُّوَر فقال: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [التغابن: ٣].

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: تَحريم التصوير، نَقول: إن مَن صوَّر فقد نازَع الله تعالى فيما هو من اختِصاصه وهو الخَلْق، ولهذا جاء في الحديثِ: "يُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ" (١) وهذا هو الصحيح أن التَّصوير حرام، بل هو من كَبائِر الذُّنوب؛ لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لعَنَ فاعِله (٢).

ولكن هنا ثلاثة أُمور:

الأمر الأول: الصُّورة التِّمثالية بمَعنى أن يَخلُق الإنسان من الطين، أو الخشَب، أو الحديد شيئًا على شَكْل صورة، هذه لا شَكَّ في تَحريمها، ولهذا قال في حديث عليِّ بنِ أبي طالب الذي رواه مُسلِم أنه قال: لأبي الهياجِ: "أَلَا أَبعَثُكَ على ما بعَثَني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أن لا تَدَع قَبْرًا مُشرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ، ولا تِمْثالًا إلَّا طَمَسْتَه" (٣)


(١) أخرجه البخاري: كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء، رقم (٢١٠٥)، ومسلم: كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم (٢١٠٧/ ٩٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب اللباس، باب من لعن المصور، رقم (٥٩٦٢)، من حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه مسلم: كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر، رقم (٩٦٩).

<<  <   >  >>