للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أَعلَمُ نِزاعًا بين العلماء في تحريم ذلك.

الثاني: ما كان بالرقْم -أي: التصوير بالرقْم- بمَعنى أن الإنسان يُصوِّر بيَدِه صُورة، فهذه اختَلَف فيها السلَف والخلَف، فمِنهم مَن قال: إنها لا تَحرُم؛ لقوله في الحديث الصحيح الذي رواه البُخاريُّ: "إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ" (١) وهذا رقْم في ثوب، فلا يَحرُم؛ ولأن هذا ليس شَيْئًا مجُسَّمًا حتى يُطابِق ما خلَق الله عَزَّ وَجَلَّ، إنَّما هو شَكْل فقَطْ، والصورة التي صوَّرها الله هي جِسْم مَحسوس مَلموس يُشاهَد بالعين، وأمَّا هذا فهو مجُرَّد تَلوين، فلا يَدخُل في الحديث، ولكن الجُمهور على أنه داخِل في الحديث، بدليل حَديث النُّمرُقة حديث عائِشةَ - رضي الله عنها -: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاءَ إلى بَيْتِه فلم يَدخُل من أَجْل صورة كانت في نُمرَقة جعَلَتها للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وهذا هو الصَّحيح أن التَّصوير برَسْم اليد حرام، وداخِل في اللَّعْن، ولا يَحِلُّ لأحَد أن يَقوم به.

الثالث: ما كان تَصويرًا بالالتِقاط، وليس باليد، وذلك ما يُعرَف بالتصوير الفُوتوغرافيِّ الذي ليس للإنسان فيه أي عمَل، بل هو شيء يَتمثَّل أمام هذا الضوءِ المُعيَّن فيَنطَبع، وليس للإنسان فيه أيُّ عمَل سِوى تحريك الآلة التي تَقوم بالْتِقاط هذه الصُّورةِ، فهذا مُختَلَف فيه اختِلافًا كبيرًا بين المُتأخِّرين؛ لأنه لم يَظهَر إلَّا أخيرًا، فاختَلَفوا فيه، والذي يَتبيَّن لي أنه لا يَدخُل في التصوير؛ لأن هذا لم يَخلُق بيَده كما


(١) أخرجه البخاري: كتاب اللباس، باب من كره القعود على الصورة، رقم (٥٩٥٨)، ومسلم: كتاب اللباس، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم (٢١٠٦)، من حديث أبي طلحة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء، رقم (٢١٠٥)، ومسلم: كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم (٢١٠٧/ ٩٦) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>