للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآخِر، لكنه على طرَف إن أَصابَه خَيرٌ ولم يُناقِشه أَحَد أو يُجادِله أحَدٌ مَشَى، وإن جاء أَحَد يُشكِّكه في هذا الأَمْرِ شكَّ، فانقَلَب على وَجْهه؛ خسِر الدنيا والآخِرة.

ومن الناس أيضًا مَن يَكون في نِعْمة، قد أَنعَم الله عليه بالأموال والأولاد وما يَحتاج إليه من الدّنيا أو يُكمِلها، فأُصيب بحادِث فقَدَ أَهلَه به كلَّهم.

فمن الناس مَن إذا كان يَعبُد الله على حَرْف يَسخَط على الله، وَيكرَه قضاء الله، كَراهة سَخَط، ليس كَراهة أنه يَتمَنَّى ما لم يُصِبْه، لا، إنما يَتَسخَّط على ربِّه، وهذا من جَهْل الإنسان، أنت مِلْك لله -عَزَّ وَجَلَّ- هذا الربِّ الكَريمِ الذي إذا أَصابَك بسَرَّاء فشَكَرْت أَثابَك، وإن أَصابَك بضَرَّاءَ فصبَرْت أَثابَك. كيف تَسخَط على هذا الربِّ الكَريم وأنت مِلْكه وعَبْده، يَتَصرَّف فيك بما شاء، وله الحِكْمة فيما فعَل؟ ! وظيفتك الصَّبْر عند البَلاء، والشُّكْر عند الرَّخاء.

فالمُهِمّ: أن الصَّبْر الآنَ تَبيَّن أنه ثلاثة أقسام:

الأوَّل - أَعلاها وأَتَمُّها -: وهو الصبر على طاعة الله.

الثاني: الصَّبْر عن مَعْصية الله.

الثالث: الصَّبْر على أَقْدار الله.

فأَفضَلها الأوَّل، ثُم الثاني، ثُم الثالِث.

يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُصيب ببَلاء في خُلُقه وبَلاء في جَسَده، صبَرَ على هذا وهذا، دعَتْه امرأةُ العَزيز في مَكان مُغلَق، وهي امرأة العَزيز عِندها من الحُليِّ والزِّينة - وربَّما من الجمال - ما ليس عند غيرها، وهو فَتاها أيضًا، ليس هو أكبَرَ منها شرَفًا عِندها، دَعَتْه إلى نفسها في مَكان خالٍ وهمَّ أن يَفعَل؛ لأن النَّفْس البَشَرية قد يَغيب

<<  <   >  >>