للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن مَرجِع الأُمور كلِّها إلى الله، وليسَتْ باختِيار أحَدٍ، فهو الذي يُقدِّر ما شاء، سَواءٌ في الدّنيا أو في الآخِرة؛ لقوله: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن عَذاب العَدوِّ يَشفِي غَليل عَدوِّه؛ لقوله: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} فإن الإنسان إذا رأَى عَذاب الله تعالى لعَدوِّه فلا شَكَّ أنه يَشفِي غَليلَه.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنه لا بَأسَ أن نَفرَح إذا أَصاب الله عَدُوَّنا بمُصيبة؛ لأن الظاهِر أن قوله تعالى: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} لأَجْل أن تَقَرَّ عَينُه بذلك، فإذا أُصيب أَعداؤُنا بخَسْف أو صَواعِقَ أو فَيضانات، أو ما أَشبَه ذلك، وفرِحنا بهذا، فلا لومَ علينا، لأنهم أَعداؤُنا يَفرَحون بما يُصيبنا، فالجَزاء مِن جِنْس العمَل.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: إثبات رُجوع الخَلْق إلى الله؛ لقوله: {فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} وهذا عامٌّ في كلِّ شيء، في الأَحْوال، والأَوْقات، وفي كل شيء، المَرجِع إلى الله وحدَه.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إثبات كَلام الله، أن الله يَتكَلَّم، يُؤخَذ من قوله: {وَعْدَ اللَّهِ}، لأن الوَعْد يَكون بالقَوْل، ولا شَكَّ أن الله تعالى يَتكَلَّم، وأنه لا نَفادَ لكلِماته، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: ١٠٩] {الْبَحْرُ} اسمُ جِنْس يَعُمُّ كل البِحار، لنَفِد البَحْر قبل أن تَنفَد كلِمات الله، سُبحان الله، لو كان حِبْرًا يُكتَب به البِحار كلُّها لنَفِدت قبل أن تَنفَد كلِماتُ الله.

وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} يَعنِي: لو أن الذي في

<<  <   >  >>