للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالوَسيلة إِذَن هي فِعْل ما يُوصِل إلى المقصود، والعِلْم بإيصاله إلى المَقْصود، يَأتِي عن طريق الشَّرْع وعن طريق الحِسِّ.

والوَسائِل هي التَّوسُّل إلى الله تعالى بإجابة الدُّعاء، أن تَفعَل شيئًا يُوصِل إلى الإِجابة، ولا طريقَ لنا إلى العِلْم بإيصاله الإجابة إلَّا عن طَريق الشرع.

إِذَنْ: نَنظُر التَّوسُّل إلى الله تعالى بأسمائه، هذا القِسْمُ الأوَّلُ، ودَليله قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]، فتَقول: اللهُمَّ يا غَفورُ يا رحيمُ اغفِرْ لي وارْحَمْني. هذا تَوسُّل إلى الله بأسمائه.

الثاني: التَّوسُّل إلى الله بصِفاته، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَيكَ عَلَى الخَلْقِ أَحْيِني إِذَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيْرًا لِي" (١) تَوسُّل بـ "عِلْمِكَ الْغَيْبَ" والعِلْم صفة "وَقُدْرَتكَ عَلَى الخَلْقِ" والقُدرة صِفة، فتَقول: "اللهُمَّ بعِلْمِكَ الغَيْبَ وقُدْرَتك عَلَى الخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيْرًا لِي ... " إلى آخرَه.

القِسْم الثالِث: التَّوسُّل إلى الله بأَفْعاله، ومنه قوله تعالى عن مُوسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: ١٧]، إن جعَلنا قوله: {فَلَنْ أَكُونَ} من باب الدُّعاء، وإن جعَلْناها من باب الالتِزام لم تَكُن من هذا البابِ.

ولكن من هذا البابِ قولُه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وهو يُعلِّمنا كيف نُصلِّي عليه: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ" (٢) فالكاف هنا ليسَت للتَّشبيه، الكاف للتَّعليل، يَعنِي: صلِّ على محُمَّد وآل محُمَّد؛


(١) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٢٦٤)، والنسائي (١٣٠٥) من حديث عمار بن ياسر - رضي الله عنهما -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٦٣٥٧)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد، رقم (٤٠٦)، من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>