للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألةٌ: ذكَر بعض أهل العِلْم أنه من تمَام حُسْن أدَب الإنسان مع الله - عَزَّ وَجَلَّ -، ومع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومع صَحابته ومع العُلَماء إذا ذُكِر الله تعالى قال: - عَزَّ وَجَلَّ -. والنبيُّ يُصلِّي عليه، والعُلماء يَتَرحَّم عليهم، والصحابة يَترضَّى عليهم، هل هذا على إطلاقه؟ وهل مَن ترَكَه فإنه خَيْر عَظيم؟

الجَوابُ: أمَّا من جهة الصَّلاة على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا شَكَّ أنه إذا ذُكِر فإن الإنسان مَأمور بالصلاة عليه، إمَّا وجوبًا، وإمَّا استِحْبابًا، فمِن العُلَماء مَن أَوجَب عليك إذا ذُكِر عندك اسمُ الرسول أن تُصلِّيَ عليه لحديث: "رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ قُلْ: آمِينَ. فَقُلْتُ: آمِينَ" (١).

وأمَّا الله عَزَّ وَجَلَّ فليس بشَرْط الثَّناء عليه عند ذِكْره، ولهذا دائمًا يَقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - قَوْلًا يُسنِده إلى الله ولا يَذكُر وَصْفًا بالعِزَّة، أو الجَلال، أو التَّعالِي، أو التَّبارُك، أحيانًا يَقول وأَحيانًا لا يَقول، فكونُك أحيانًا تَقول وأحيانًا لا تَقول فهذا أحسَنُ.

وكذلك بالنِّسْبة للتَّرَضِّي عن الصحابة، أو التَّرحُّم على مَن بَعدهم، كل هذا لا يُتَّخَذ سُنَّة راتِبة، ولكن إن ذُكِر أحيانًا فهو حسَن، أمَّا اتِّخاذه سُنَّة راتِبة فهو يَحتاج إلى دَليل.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: بَيان الصِّيغة التي تَقولها المَلائِكة في استِغْفارهم للمُؤمِنين، أنَّهم يَتوسَّلون أوَّلًا، ثُم يَطلُبون ثانيًا {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ


(١) أخرجه البزار في مسنده (١٠/ ١٩٢ رقم ٤٢٧٧)، من حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنه -. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد رقم (٦٤٦)، وابن خزيمة في صحيحه رقم (١٨٨٨)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وليس فيه قوله: "قل: آمين). وأخرجه أبو يعلى في مسنده رقم (٥٩٢٢)، وابن حبان في صحيحه رقم (٩٠٧)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، بلفظ: "ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين".

<<  <   >  >>