وكذلك كان الحكمُ في بدء الإسلام، ثم أَذِنَ الله تعالى بهذه الأشياء ما لم يطلع الصبح.
وسببه: أن قيسَ بن صِرْمَةَ الأنصاريَّ كان صائمًا، فلما كان وقتُ الإفطار لم يجد شيئًا يفطر به، وخرجت امرأتُه في طلب شيء، فغلب النومُ على قيس، فنام، فلما جاءت امرأته بالطعام كان قيسٌ قد نام وحَرُمَ عليه الطعام، فلم يأكل شيئًا، فلما كان من الغد غُشِيَ عليه في نصف النهار من غاية الجوع.
وأتى عمرُ - رضي الله عنه - أهلَه؛ أي: جامَعَها وقد نامَتْ، فسأل عمرُ رسولَ الله - عليه السلام - عن ذلك، وتحسَّر على هذا الذنب، فنزل قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} إلى قوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: ١٨٧].
{الرَّفَثُ}: المجامعة، {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ}: الصبح الثاني، {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}؛ أي: من بين الظلام الذي كان في موضع الصبح.
روى هذا الحديثَ - أعني:"فصل ما بين صيامنا" - عمرو بن العاص.
* * *
١٤٠٩ - وقال:"لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ"، رواه سَهْل بن سَعْد.
قوله:"لا يزال الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطْرَ"، (ما): للدوام، السُّنَّةُ إذا تحقَّق غروب الشمس: أن يعجلَ الصائمُ الإفطارَ؛ يعني: ما دام الناسُ يحفظون هذه السُّنةَ كانوا على الخير، وإذا تركوها قلَّ خيرُهم؛ يعني: مَن حافَظَ على جميع الفرائض والسُّنن أكثرُ خيرًا ممن تركَ بعضَ السُّنن.
وعلَّة استحباب تعجيل الفطر: إشباعُ الناس؛ ليكونَ لها حضورٌ وقوةٌ عند أداء الصلاة.