التي كانت فريضةً ثم نُسخت فرضيتُها أفضلُ من سُنَّةٍ لم تكن فرضًا قطُّ.
* * *
١٤٥٥ - وقال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: حِينَ صامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ عاشوراءَ وأَمَرَ بصِيامِهِ قالوا: يا رسُولَ الله!، إنَّهُ يومٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ، فقال:"لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ".
قوله:"حين صام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ عاشوراءَ ... " إلى آخره، قصته: أن النبي - عليه السلام - لمَّا خرج من مكةَ ودخل المدينةَ رأى اليهودَ يصومون يومًا، فقال لهم:"ما هذا اليوم؟ " فقالوا: هذا يومٌ أظهرَ الله موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنصوم هذا اليومَ ونعظِّمه، فقال رسول الله عليه السلام:"نحن أَولى بموسى عليه السلام"؛ يعني: بموافقته، فصام رسولُ الله - عليه السلام - ذلك اليومَ وأمرَ أصحابَه بصومه، وذلك يوم عاشوراء، وهو العاشر من المُحرَّم، فلما كانت السنةُ العاشرةُ من الهجرة وصامَ يوم عاشوراء قال له أصحابه: هذا يومٌ يعظِّمه اليهود؛ يعنون بذلك: أنَّا لا نريد موافقتَهم، فقال رسول الله عليه السلام:"لئن بقيت إلى قابلٍ لأَصومَنَّ التاسعَ"؛ يعني: لئن عشتُ إلى المُحرَّم الذي يأتي بعد هذا لأَصومَنَّ من اليوم التاسع من المُحرَّم، يسمى ذلك اليومُ تاسوعاءَ، فلم يَعِشْ رسولُ الله - عليه السلام - إلى السَّنة القابلة، تُوفي في الثاني عشرَ من الربيع الأول، فصار اليومُ التاسعُ من المُحرَّم صومُه سُنَّةً وإن لم يَصُمْه رسولُ الله عليه السلام؛ لأنه عَزَمَ على صومه، وكلُّ ما فعلَه رسولُ الله - عليه السلام - أو عَزَمَ عليه أو أَمَر به أو رَضيَ به كان ذلك سُنَّةً، إن لم يكن فريضةً.
وقوله:"لأصومن التاسع"، لم يقل - عليه السلام - هذا على عزم ترك صوم عاشوراء مخالفة لليهود، بل قال هذا وعزم على صوم التاسع من المُحرَّم لتعلم اليهودُ أنَّه - عليه السلام - وأصحابَه لم يصوموا عاشوراءَ موافقةً لهم؛