قوله:"ما من امرئ يقرأ القرآنَ ثمَّ ينساه إلا لقيَ الله يوم القيامة أجذمَ"، (الأجذم): مقطوع اليد.
قال ابن الأعرابي: معناه: لقيَ الله خاليَ اليدِ من الخير، وقيل: معناه: لقيَ الله مقطوعَ الحُجَّة؛ يعني: لا حجةَ له ولا عذرَ له في نسيان القرآن؛ يعني: ينكِّسُ رأسَهُ عند الله من الاستحياء عن استخجال نسيانِ كلامِهِ.
روى هذا الحديث سعدُ بن عُبادةَ.
* * *
١٥٧٨ - عن عبد الله بن عَمْرٍو: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"لَمْ يَفْقَهْ مَنْ قَرَأَ القُرآنَ في أقلَّ مِنْ ثَلاثٍ"، صحيح.
قوله:"لم يفقَهْ مَنْ قرأ القرآنَ في أقلَّ من ثلاثٍ"؛ يعني: لا يقدرُ الرجل أن يتفكَّرَ أو يتدبر في معنى القرآن لو ختم القرآن في ليلة أو ليلتين؛ لأنه يقرأ على العجلة والملالة، بل ينبغي أن لا يختمَ القرآنَ إلا في ثلاث ليال أو أكثر، حتى يقرأَ على التأني، ومن طيب النفس ونشاطها، ويتفرَّغَ للتدبر في معناه.
* * *
١٥٧٩ - وعن عُقْبة بن عامِرٍ، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الجاهِرُ بالقُرآنِ كالجاهرِ بالصَّدقةِ، والمُسِرُّ بالقُرآنِ كالمُسِرُّ بالصَّدقةِ"، غريب.
قوله:"الجاهِرُ بالقرآن كالجاهرِ بالصدقةِ، والمُسِرُّ بالقرآن كالمسرِّ بالصدقة"؛ يعني: كما أن الجهر والسر بالصدقة جائزان، فكذلك في القرآن، قال الله تعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٧١]
الحاصل: أن قراءةَ القرآن كصلاة النافلة، فكما أن إخفاءَ صلاة النافلة أفضلُ،