"بالنور التام"؛ يعني: حظُّ الفقراء في القيامة أكثرُ من حظ الأغنياء؛ لأن الأغنياء وجدوا راحةً في الدنيا، واشتغلوا بتحصيل المال، والفقراءُ لم تحصل لهم راحةٌ في الدنيا، فزيدت حظوظهم التي فاتت عنهم في الدنيا مع حظوظهم الأخروية، فحصل لهم ضعْفَا ما حصل للأغنياء، وإنما دخل الفقراءُ الجنةَ قبل الأغنياء؛ لأن الأغنياءَ وُقِفوا في العَرَصَات للحساب، وسُئِلوا من أين حصَّلوا المال؟ وفي أي شيءٍ صرفوه؟ ولم يكنْ للفقراء مالٌ حتَّى يُوقَفوا ويُسأَلوا عنه.
يعني رسولُ الله - عليه السلام - بالفقراء: الفقراءَ الصابرين الصالحين، وبالأغنياء: الأغنياءَ الشاكرين المؤدِّين حقوقَ أموالهم.
* * *
١٥٧٦ - وقال:"زَينُوا القُرآنَ بأَصْوَاتِكُمْ".
قوله:"زينوا القرآنَ بأصواتكم", قال الخطابي: قد جاء عن البراء بن عازبٍ عن رسول الله - عليه السلام - في هذا الحديث روايتان:
أحدهما: هذا.
والثانية:"زينوا أصواتَكم بالقرآنِ".
وقال: هذه الرواية أصحُّ؛ يعني: اشتَغِلوا بالقرآن؛ فإنَّ قراءةَ القرآن زينةٌ للصوت ولصاحبه.
وقالوا: تقدير: زينوا القرآنَ بأصواتكم: زينوا أصواتكم بالقرآن أَيضًا؛ فإن الأصوات وأصحاب الأصوات يتزيَّنون بالقرآن، ولا يتزيَّنُ القرآنُ بالأصوات.