قوله:"أنت آخذٌ بناصيته"، هذا عبارة عن القدرة والغَلَبة؛ يعني: أعوذ بك من شرِّ كلِّ شيء أنت قادر عليه؛ أي: من شر جميع الأشياء؛ لأن الله تعالى قادر على جميع الأشياء، وإنما كنَّى عن القدرة بقوله:(أنت آخذ بناصيته)؛ لأنَّ مَنْ أخذ بناصية أحد، فقد قَهَره وقَدَر عليه غايةَ القدرة.
* * *
١٧٣١ - عن أبي الأَزْهَرِ الأَنْمَارِيِّ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أخذَ مَضْجَعَهُ من اللَّيلِ قال:"بسمِ الله وضعتُ جَنْبي، اللهمَّ اغفرْ لى ذَنْبي، واخْسَأْ شَيْطاني، وفُكَّ رِهَاني، وثَقِّلْ مِيْزاني، واجعَلْني في النَّدِيِّ الأَعلَى".
قوله:"اخسأ شيطاني": أي: أبعد شيطاني.
"وفك رهاني": أمر مخاطب من الفك وهو تخليص الرهن عن يد المرتهن.
(الرهان): جمع رهن، والرهن: هو المال المحبوس عند المرتهن في حقه؛ يعني: خلص رقبتي عن حقوق الآدميين، وعن حقوقك يا ربَّ، وعن الذنوب.
"واجعلني في النَّدِيِّ الأعلى"، (النَّديَّ): المجلس، والمراد به: أهل الندي الأعلى، وهم الملائكة، والندي الأعلى: السماوات؛ يعني: واجعلني مع الملائكة، ويُروى لا من الطريق هذا الكتاب:"في النداء الأعلى"، والمراد به: نداء أهلِ الجنةِ أهلَ النار في قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ}[الأعراف: ٤٤].
والنداء الأسفل: نداء أهل النار أهلَ الجنة في قوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}[الأعراف: ٥٠].