"واجعل الحياةَ زيادةً لي في كلِّ خيرٍ"؛ يعني: اجعلْ حياتي سببَ زيادةِ طاعتي، يعني: اجعل عمري مصروفًا فيما تُحِبُّ، وَجنِّبني ممَّا تكرَهُ.
"واجعلِ الموتَ راحةً لي من كلِّ شَرًّ"؛ يعني: اجعلْ موتي بالشهادةِ والاعتقادِ الحسنِ والتَّوبةِ، وكلَّ نيةٍ وخصْلَةٍ تحبُّها، حتى يكونَ موتي سبب خلاصي من مشقَّةِ الدنيا وحصولي على راحةِ ما بعدَ الموت.
* * *
١٧٩١ - وعن عليًّ - رضي الله عنه - قال: قَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قلْ: اللهمَّ اهدِني وسدِّدني، واذْكُرْ بالهُدَى: هدايتَكَ الطَّريقَ، وَبالسَّدادِ: سَدادَ السَّهْمِ".
قوله عليه السلام لعليًّ - رضي الله عنه -: "اللهمَّ اهدِني وَسَدِّدْني، واذْكُرْ بالهُدَى: هِدايتَك الطريقَ، وبالسَّداد: سَدادَ السهم".
والسَّدادُ الأول مجرورٌ بالعطف على (بالهدى)، والسَّدادُ الثاني منصوبٌ لأنه مفعولُ (اذكر) وتقديرُه: واذكرْ بالسَّدَاد سَداد السَّهْم.
(السَّدَاد): الاستقامةُ؛ يعني: أسألُ الله الاستقامةَ، وإذا سألتَ الهُدَى فيكونُ في خاطرك: هدايتُك الطريقَ؛ أي: مشيُك واستقامتُك إذا مشيتَ إلى مَوْضعٍ؛ يعني: فكما إذا مشيتَ إلى موضعٍ لا تَعْدِلُ يمينًا ويسارًا، بل يكونُ مستقيمًا على الطَّرِيقِ، فكذلك اسْأَلِ الله الهُدَى الذي لا تَعْدِلُ معه عن طريقِ الشَّرْع إلى الباطل، وإذا سألتَ السَّدَاد في القَوْلِ والفِعْل، فليكُنْ في خاطِرك سَدادُ السَّهْمِ؛ يعني: فكما أنَّ السَّهْمَ يَقْصِدُ الهدفَ مستقيمًا لا يَعْدِلُ يمينًا ويسارًا، فكذلك اسأَلِ الله تعالى سَدادًا لا تَعْدِلُ معه عن الحقِّ إلى الباطل البتَّةَ، ذكر الخَطَّابيُّ هذا المعنى في شَرْحِ هذا الحديثِ.