للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قولها: "كأني أنظرُ إلى وَبيصِ الطِّيبِ في مفارِقِ رسولِ الله عليه السلام".

(الوَبيصُ): اللَّمعانُ؛ يعني: يبقى أثر الطَّيْبِ الذي أجعلُه عليه قبلَ الإحرام إلى ما بعد الإحرام، وهذا دليلٌ على أن الطِّيْبَ الذي استعمله المُحْرِمُ قبل الإحرام لو بقيَ أثرُه من الجِرْمِ والرائحةِ واللونِ إلى ما بعد الإحرام جاز، وهذا قول الشافعي.

وفي قول مالك: كرهَ أن يبقى أثرُه بعدَ الإحرام، وفي قول أبي حنيفة: لو بقيَ جِرْمُ الطيب بعد الإحرام لزمَه شاةٌ.

* * *

١٨٢٩ - وقال ابن عمر: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ مُلَبدًا يقولُ: "لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لكَ"، لا يَزِيدُ على هؤلاءِ الكلِماتِ.

قوله: "يُهِلُّ مُلَبدًا"، (يُهِلُّ)؛ أي: يرفَعُ صوتَه بالتلبية، (ملبدًا): بكسر الباء اسم فاعل، وبفتحها اسم مفعول من التلبيد وكلاهما محتمَلٌ ها هنا.

و (التلبيدُ): هو إلصاقُ شعورِ الرأسِ بالصَّمْغ ونحوِه كي لا يتفرقَ شعرُ الرأس، وكي لا يدخلَ الغبارُ والهوامُّ بين الشعرِ، وهذا جائزٌ للمُحْرِم.

وقال أبو حنيفة: لزمَه دمٌ إن لَبَّدَ بما ليس فيه طِيبٌ؛ لأنه كتغطية الرأس، ولزمَه دَمَانِ إنْ لَبَّد بشيء فيه طِيب.

قوله: "لبَّيكَ اللهم لَبَّيك"، أصلُه: إلْبَابَيْنِ، فنُقلت فتحة الباء إلى اللام، وحُذِفت الهمزة، ثم حُذفت الألف لسكونها وسكونِ الباء الأولى، وأُدغمت الباء في الثانية، ثمَّ أضيفَ إلى كاف الخطاب، فحذفت النون للإضافة فصار: لَبَّيك، وتقديرُه: ألْبَيْتُ يا ربِّ بخدمتك إِلْبابًا بعد إلْبابٍ؛ أي: أقمتُ بخدمتك قيامًا بعد قيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>