للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّفَا يعني: رَقِيَ على المروة، وقرأ من الذكر والدعاء كما فعل على الصَّفا، "حتى إذا كان آخرُ طَوَافه على المَرْوة يعني: سعى بين الصَّفَا والمَرْوة سبعَ مَرَّات، وكان آخر السبعة بالمروة.

قوله: "لو أني استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أَسُقِ الهدي وجعلتها عُمْرةً يعني: لو كان العزمُ الذي ظهرَ لي في هذه الساعة حصلَ لي عند خروجي من المدينة لما استصحبتُ الهَدْيَ معي، بل جئتُ بغير هَدْيٍ، وجعلتُ إحرامي مصروفًا إلى عُمْرةٍ وفرغتُ منها، ثم أحرمتُ إحرامًا آخَر للحَجِّ، ولكن لمَّا كان معي الهَدْيُ لم أقدِرْ أن أجعلَ ما أحرمتُ به عمرة، فمن لم يكن منكم معه هديٌ وأحرمَ بالعمرة فليخرُجْ من إحرامه بعد فراغِه من أفعالِ العمرة، وقد أبيحَ له ما حُرِّمَ عليه بسبب الإحرام حتى يستأنفَ إحرامًا للحَجِّ.

اعلم أن أبا حنيفةَ قال: مَنْ أحرمَ بالعمرة وكان معه الهديُ لا يجوز له أن يخرجَ من الإحرام بعد فراغه من أفعال العمرة، بل يَلزَمُه أن يُدخلَ الحج في العمرة ويتمَّ الحجَّ، وإن لم يكن معه هديٌ جاز له أن يخرجَ من إحرامه بعد فراغه من أفعال العمرة ثم يستأنفَ إحرامًا للحجِّ وذلك لقولِه عليه السلام: (لو أني استقبلت من أمري ...) إلى آخره.

وقال الشافعي: يجوز لمن أحرمَ بالعمرة أن يخرجَ من إحرامه بعد فراغه من أفعال العمرة، سواءٌ كان معه هديٌ أو لم يكن، وتأويلُ هذا الحديث أنه استحبابٌ غيرُ لازم، وقد قلنا: إنَّ الصحابةَ اختلفوا في أن النبي عليه السلام كان مفرِدًا في حَجِّه، أو متمتِّعًا أو قارنًا، وأصحُّ الروايات عند الشافعي وأبي حنيفة، وكثيرٍ من أهل العلم أنه كان متمتِّعًا، هكذا أورده محيي السنة.

قوله: "لو استقبلتُ من أمري"؛ أي: لو علمتُ قبلَ هذا ما استدبرتُ؛ أي: ما علمتُ بعد وصولي إلى هذا المكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>