قولها:"فما حرم عليه شيء كان أُحِلَّ له"، هذا الحديثُ يدلُّ على أن من بعثَ هَدْيًا إلى مكة لا يكونُ حكمُه حكمَ المُحْرِم في تحريم لُبْسِ المَخِيط وغيرِه مما حُرِّمَ على المُحْرِم، بل لا يُحَرَّمُ عليه شيءٌ مما حُرِّمَ على المُحْرِم؛ لأنه جالسٌ في بيته، ولم يكن مُحْرِمًا، فإذا لم يكن مُحْرِمًا، فكيفَ يُحرَّمُ عليه شيءٌ؟.
وإنما قالت عائشةُ هذا الكلامَ؛ كي لا يَظُنَّ أحدٌ أنه يُحَرَّمُ على مَن بعثَ هَدْيًا إلى مكةَ شيءٌ مما حُرِّمَ على المُحْرِم.
قولها:"مِن عِهْنٍ كان عندي"؛ أي: مِن صوفٍ مصبوغٍ كان في بيتي.
* * *
١٩٠٦ - وسُئِلَ جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عَنْ رُكُوبِ الهَدْي؟، فقال: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:"ارْكبْها بالمعرُوفِ إذا أُلجِئْتَ إليها، حتَّى تَجِدَ ظَهْرًا".
قولُه:"اركبْها بالمعروف"؛ يعني: بوجهٍ لا يَلْحَقُه ضَرَرٌ.
"إذا أُلْجِئْتَ إليها"؛ أي: إذا اضْطُرِرْتَ واحتجْتَ إلى ركوبها.
"حتى تَجِدَ ظَهْرًا"؛ أي: مركوبًا آخر.
اعلم أن ركوبَ الهَدْيِ جائزٌ عند الشافعيِّ ومالكٍ وأحمدَ بوجهٍ لا يلحقُها ضَرَرٌ شديدٌ، سواءٌ كان معه مركوبٌ آخرُ أو لم يكنْ.