اعلم أن الهَدْيَ والأُضحيةَ إن كانتْ واجبةً لا يجوزُ لصاحبها أن يأكلَ منها شيئًا البتَّةَ، وإن كان تطوُّعًا بعد ثلاثة أيام، وجازَ لهم أن يأكلُوا في ثلاثةِ أيام، ثم رخَّصَ لهم - عليه السلام - أن يأكلُوا من التطوُّع متى شاؤوا في ثلاثة أيام وبعدَها، والواجبُ عليهم أن يطعموا الفقراءَ من لحمها أولَ شيءٍ، والمستحَّبُّ أن يطعموهم الثُّلُثَ والنِّصْف.
* * *
١٩١٢ - عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَهْدَى عامَ الحُدَيْبيَةِ في هدايا رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جَملًا كانَ لأبي جَهْلٍ، في رأْسِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ يَغيظُ بِذلِكَ المُشْرِكينَ.
ويروى: بُرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ.
قوله:"أَهْدَى"؛ أي: أَرْسَلَ إلى مكةَ للعمرة.
"عامَ الحُديبية"؛ أي: في السنة التي جاء رسول الله - عليه السلام - من المدينة إلى مكةَ للعُمْرة، فحبَسه مشركو مكةَ بالحُدَيبية، ومنعُوه وأصحابَه أن يدخلُوا مكةَ.
وتأتي قصة الحديبية في (كتاب الصلح) من (باب الجهاد).
"في هدايا"؛ أي: في جملةِ الإبلِ التي أرسلَها رسولُ الله عليه السلام.
"كان جمل أخذه رسولُ الله - عليه السلام - من أبي جهل في غزو البدر، وكان في أنفها بُرَةٌ من فِضَّة"؛ (البُرَةُ) بتخفيف الراء: ما يكونُ في أنفِ الجمل يُشَدُّ به الزِّمام.
"يَغِيظُ"؛ أي: يوصِلُ الغيظَ والأذى إلى قلوبِ المشركين في نَحْرِه - عليه السلام - ذلك الجَمَلَ، يعني: ليُرِيَ المشركين أنَّ ما هو الأعزُّ عندهم من المال