قولها: "وُعِكَ أبو بكر"، وُعِكَ وحُمَّ كلاهما على بناء المجهول، معناه: أخذتْهُ الحُمَّى.
قوله: "اللهم حَببْ إلينا المدينة كحُبنا مكةَ أو أشد": هذا يدل على أن مَنْ كره بلدًا لا يوافقه هواه، وكذلك من كره طعامًا لا يوافقه ذلك الطعام، وكذلك لو لم يكرهه ولكن لا يألف به بعدُ لا يوافقه ذلك الطعام أيضًا.
ألا ترى أن الغالب من حال الغرباء أن لا يوافقهم هواء البلدان الغريبة، فإن مَنْ كان من بلدٍ حار يفسد مزاجه في بلد بارد، وكذلك بالعكس، وكذلك لو كان بين بلدين تفاوت يسير في الحرارة أو البرودة يتغير مزاج الرجل بانتقال أحدهما إلى الآخر.
فدعا رسول الله - عليه السلام - أن يحبب الله إليهم المدينة؛ ليحصل لهم بها ألفة؛ ليوافقهم هواها، وتطمئن قلوبهم بتوطنها، كي لا تلتفت قلوبهم إلى مكة، فإن التفات القلوب تشويش الصدور، ومع تشويش الصدور لا يصفو للرجل العيش.
قوله: "وصحِّحها"؛ أي: وصحح هواء المدينة لنا، واجعل نزولنا فيها سببًا للصحة والعافية.
"وانقل حُمَّاها فاجعلها بالجُحْفَة" وإنما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنقل حمى المدينة إلى الجحفة؛ لأن الجحفة في ذلك الوقت كانت اليهود تسكنها.
* * *
١٩٩٨ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُفْتَحُ اليَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيَتَّحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أطاعَهُمْ، والمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لو كانُوا يَعْلَمُونَ، ويُفْتَحُ الشَّامُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أطَاعَهُمْ، والمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ