لو كانُوا يَعْلَمُونَ، ويُفْتَحُ العِراقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبُسُّونَ فَيتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمنْ أطاعَهُمْ، والمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لو كَانُوا يَعْلَمُونَ".
قوله: "يُفتحُ اليمن فيأتي قوم يُبسُّونَ فيتحمَّلون بأهليهم": بَسَّ يَبُسُّ بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر، وأَبَسَّ يُبسُّ: إذا سار سيرًا شديدًا، وقيل: ساق الدابة سوقًا سهلًا.
أخبر رسول الله - عليه السلام - في أول زمان الهجرة إلى المدينة بأن ستفتح اليمن فيرتحل قوم من اليمن إلى المدينة، حتى يكثر أهل المدينة.
"والمدينة خير لهم" من غيرها، وكذلك الشام والعراق تفتح فيأتي منهما قوم إلى المدينة، وأراد بالعراق الكوفة إلى أول أرض خراسان.
روى هذا الحديث: سفيان بن أبي زهير، وأنس بن عياض كلاهما عن رسول الله - عليه السلام -.
* * *
١٩٩٩ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى، يَقُولُونَ: يَثْربَ، وهيَ المَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيد".
قوله: "تأكل القُرَى"، (القرى): جمع قرية، يعني: أمرني ربي أن أنزل المدينة، والمدينة تأكل جميع المدائن والبلدان؛ يعني: أهل المدينة تخرب كل بلد لم يسلم أهله، وتجعل أهل كل بلد مطيعين لله، منقادين للدين.
وقيل: معناه: يأخذ أهل المدينة أموال أهل كل بلد من الكفار على سبيل القهر والغلبة.
قوله: "تنفي الناس"؛ يعني: تخرج كل مَن لا يليق بتوطن المدينة من الكفار وأهل الكتاب، وقد ظهر هذا في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فإنه أخرج