والمعنى الثاني: أنه لو لم يُنْهَ عن بيعه لَتَبَايَعَ الناسُ عليه، فيشتريه مَن له ثمنُه، فينتفع به، ويُحرَم من انتفاعه الفقراءُ الذين ليس لهم مالٌ يشترونه، فنهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعه؛ لئلا يتملَّكَه الناسُ، فيحُرَم بعضُ الناس عن انتفاعه، بل نهاهم لينتفعوا به كلُّهم، فينتقل السِّنَّور من بيتٍ إلى بيتٍ، ويأخذ الفأرةَ؛ كيلا يتأذى الناس بكثرة الفأرة، وهذا النهي ليس نهيًا يمنع انعقادَ بيعه، بل نهيٌ لمصلحة الناس.
* * *
٢٠٢٤ - عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ له بصاعٍ من تَمرٍ، وأَمَرَ أهلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عنهُ مِنْ خَرَاجِهِ.
قوله:"وأمرَ أهلَه أن يخفِّفوا عنه من خَرَاجه"؛ يعني بـ (أهله): ساداته، وساداته قد وضعوا عليه خراجًا؛ يعني: قالوا له: أَعِطنا كلَّ شهرٍ كذا من المال، والباقي من كسبك لك، فلما حجمَ رسولَ الله - صلي الله عليه وسلم - فأمر ساداته أن ينقصوا من ذلك الخراج شيئًا.
* * *
مِنَ الحِسَانِ:
٢٠٢٥ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أَطْيَبَ ما أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبكُمْ، وإنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبكُمْ".
وفي رواية:"إِنَّ أَطْيَبَ ما أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبهِ، وإنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبهِ".
قوله:"وإن أطيبَ ما أكلتُم مِن كسبكم، وإن أولادَكم مِن كسبكم":