للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فمَن كان خيره أكثر يكون دينه أكمل، ومَن كان خيره أقلَّ يكون دينه أنقص، ولم يختلف أحد أن الدين يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي.

بل اختلف الشافعي وأبو حنيفة رحمة الله عليهما في أنَّ الإيمان: هل يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، أم لا؟.

فقال الشافعي: يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وإنما قال هذا لأن الإيمان عنده عبارةٌ عن جميع شعب البضع والسبعين المذكورة.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يزيد الإيمان بالطاعة ولا ينقص بالمعصية، وإنما قال هذا لأن الإيمان عنده عبارةٌ عن التصديق بالجَنان والإقرارِ باللسان، وأما الشعبُ فهي من حقوق الإيمان عنده لا من الإيمان.

قوله عليه السلام: "فذلك من نقصان عقلها" والكاف في (ذلك) ها هنا ليس للخطاب؛ لأنه لو كان للخطاب لقال: فذلكنَّ، لأن المخاطَبات في هذا الحديث جماعة، والكافُ في (ذاك) و (ذلك) قد تكون للخطاب وقد تكون لغير الخطاب؛ لأن الرجل إذا أراد أن يشير إلى غائبٍ من غير أن يخاطب أحدًا فلا يمكنه الإشارة إلى الغائب بدون الكاف في (ذاك وذلك) وأشباهِهما من (تيك وتلك وأولئك)، وهذا الكافُ ليس كالكاف في (رأيتك) في الخطاب؛ لأنك تقدر أن تقلب الكاف في (رأيتك) هاءً فينقلب (١) الكلام من المخاطبة إلى المغايبة، فتقول: رأيته، ولا تقدر أن تقول: ذاه أو ذاها، بدل: ذاك، فقد عُلم أن هذا اللفظ وضع مع الكاف؛ لأنك لا تقدر أن تشير إلى غائب بدون الكاف، فـ (ذلك) في هذا الحديث إشارةٌ إلى الحكم؛ أي: الحكم الذي شهادةُ المرأة جُعلت مثلَ نصفِ شهادة الرجل لأجل نقصان عقلها.


(١) في "ت": "فينقل".

<<  <  ج: ص:  >  >>