وقال مالك: يجوز بقَدْر الحاجة إليه؛ أي: بقَدْر ما يمكن للعاقد معرفةُ المَبيع، وذلك يختلف باختلاف الأشياء؛ ففي الثوب يومان أو ثلاثٌ، وفي الحيوان أسبوعٌ، وفي الدُّور شهرٌ، وفي الأرض سَنةٌ، ولا يجوز شرطُ الخيار في كل عقدٍ يُشترَط فيه قبضُ العِوَضَين في المجلس، مثل عقد الصَّرف وبيع الطعام بالطعام، ولا فيما يُشترَط قبضُ أحد العِوَضَين، وهو عقد السَّلَم؛ لأن القبضَ شرطٌ فيه لكي يتفرَّقا عن عقدٍ لازمٍ لا علاقةَ بينهما.
* * *
مِنَ الحِسَان:
٢٠٤٨ - عن عمرِو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"البَيعانِ بالخِيارِ ما لمْ يتَفَرَّقا إلَّا أنْ يكونَ صَفْقَةَ خِيارٍ، ولا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُفارِقَ صاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ".
قوله:"إلا أن يكون صفقةَ خيارٍ"، معنى هذا كمعنى قوله (إلا بيعَ الخيار)، وقد ذكرنا.
قوله:"ولا يحلُّ له أن يُفارِقَ صاحبَه خشيةَ أن يستقيلَه"، (الاستقالة): طلب الإقالة، والإقالة: إبطال البيع بعد انعقاده؛ أي: الفَسخ، والمستعمل في الإقالة: أن يرفع العاقدان البيعَ بعد لزومه بتراضيهما، وليس لعاقدٍ أن يفسخَ البيعَ بعد اللزوم إلا بتراضي الآخر، والفَسخ يُستعمل في رفع العقد في زمان الخيار؛ يعني: لا ينبغي للمتقي أن يقوم من المجلس بعد العقد، ويخرج من ذلك المجلس؛ من خوف أن يفسخَ العاقدُ الآخرُ البيعَ بخيار المجلس؛ لأن هذا يشبه خديعةً، فإنْ فعلَ جازَ، ولكن فعلَ بخلاف التقوى، بل التقوى أن يصبرَ على المكث في المجلس حتى يجتهدَ صاحبُه في أخذ المتاع أو الفسخ، فإذا مضى