هذا يبين أن الذهبَ والفضةَ مما يُوزَن لا مما يُكَال، ويبين أيضًا أن الموزونَ من مال الرِّبا لا يجوز أن يُباعَ كيلًا، وكذا المَكيلُ من مال الرِّبا لا يجوز أن يُباعَ وزنًا إذا كان العِوَضانِ من جنسٍ واحدٍ، أما إذا اختلف جنسُهما يجوز أن يُبَاعَا كيلًا ووزنًا، فيجوز أن يُباعَ الذهبُ بالفضة كيلًا أو جُزافًا، وكذا الحِنطة بالشعير، ويجوز وزنًا أو جُزافًا.
ونعني بـ (الجُزاف): أن تُباعَ صُبْرةٌ بصُبْرة من غير كيلٍ ووزنٍ.
* * *
٢٠٥٤ - وعن معْمَرِ بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: كنت أسمعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"الطَّعَامُ بالطَّعامِ مِثْلًا بمِثْلٍ".
قوله:"الطعام بالطعام مِثْلًا بمِثْلٍ"، (الطعام): الحِنطة، هذا هو الأصل في اللغة، فإن أراد هنا بالطعام: الحِنطة، يُقاس على الحِنطة جميعُ أموال الرِّبا إذا اتفق جنس العِوَضَين، وإن أراد بالطعام هنا: ما يُطعَم لا تخصيصَ الحِنطة فتأويله: أن يكون العِوَضَانِ متفقَين في الطعم والجنسية، أما إذا اتفقا في الطعم دون الجنسية لا يجب بيعُ أحدهما بالآخر مِثْلًا بمِثْل، بل يجوز أن يكون أحدُهما زائدًا.
قوله:"مِثْلًا": وجه نصب (مِثْلًا) أن يكون حالًا أو تمييزًا، وكذلك ما أشبه هذا كقوله:(سواءً بسواءٍ، ويدًا بيدٍ).
* * *
٢٠٥٥ - وعن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ والوَرِقُ بالوَرِقِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ, والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ".