فقالَ لَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مِنْ أينَ هذا؟، قال: كانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ ردِيءٌ فَبعْتُ مِنْهُ صاعَيْنِ بصاعٍ، فقال:"أوَّهْ عَيْنُ الرِّبا، عَيْنُ الرِّبا، لا تَفْعَلْ، ولكنْ إذا أردْتَ أنْ تَشْتَرِي فَبعِ التَّمْرَ ببَيْعٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ".
قوله:"أوَّه": بتشديد الواو وسكون الهاء: كلمةُ تحسُّرٍ وندامةٍ على لحوق ضررٍ بأخذ عين الرِّبا، هذا الفعلُ مَحضُ الرِّبا، بل إذا أردت أن تبيع التمرَ بالتمر متفاضلًا فبعِ التمرَ الرديءَ بالدراهم أو الذهب، ثم اشترِ بتلك الدراهم أو الذهب تمرًا جيدًا.
* * *
٢٠٥٨ - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: جاءَ عبدٌ فبايَعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - علَى الهِجْرَةِ فلم يَشْعُرْ أَنَّهُ عبدٌ فجاءَ سَيدُهُ يُريدُهُ، فاَشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، ولمْ يُبايعْ أَحَدًا بعدَهُ حتَّى يسأَلَهُ أَعَبْدٌ هُوَ أَمْ حُرٌّ.
قوله:"فاشتراه بعبدَين أسودَين"؛ يعني: دفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدَين أسودَين بدل ذلك العبد إلى سيده، وهذا يدل على أن بيعَ غيرِ مالِ الرِّبا يجوز متفاضلًا.
* * *
٢٠٥٩ - قال جابرٌ - رضي الله عنه -: نَهَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ لا يُعْلَمُ مكِيلَتُها بالكَيْلِ المُسمَّى مِنَ التَّمْرِ.
قوله:"نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصُّبرة من التمر لا يُعلَم مَكِيلَتُها بالكَيل المُسمَّى من التمر"؛ يعني: لا يجوز بيعُ مال الرِّبا بمال الرِّبا إذا كانا من جنسٍ واحدٍ، إلا بعد تيقُّن كونِهما متماثلَين في الكيل إن كانا مما يُكَالُ، وفي الوزن إن كانا مما يُوزَن، فإن كان كلاهما أو أحدُهما مجهولًا لم يَجُزْ، وإن