الغَنِيُّ؛ يعني: إذا كان على غنيٍّ دَينٌ، ولم يُؤدِّ ذلك الدَّينَ ويدفعْ مع القدرة (يُحِلُّ عِرضَه)؛ أي: يجوز لصاحب الحق أن يُؤذيَه بالكلام، مثل أن يقول: أنتَ ظالمٌ، أنتَ سيئ القضاء، وما أشبه ذلك ما لم يكن قَذْفًا وفُحْشًا، (وعقوبته)؛ أي: يُحلُّ عقوبتَه بأن يحبسَه القاضي حتى يؤدِّيَ الدَّينَ، فإن لم يؤدِّ مع القدرة واستطابَ السجنَ جاز للقاضي أن يضربَه حتى يؤدِّيَ الدِّينَ.
* * *
٢١٤٧ - وعن أبي سعيدٍ الخُدرِيِّ - رضي الله عنه - قال: أُتيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بجَنازةٍ ليُصلِّيَ علَيْها، فقال:"هَلْ عَلَى صاحِبكُمْ مِنْ دَيْنُ؟ " قالوا: نعم، قال:"هَلْ تركَ وفاءً؟ " قالوا: لا، قال:"صلُّوا على صاحِبكُمْ". قالَ عليُّ بن أبي طالِبٍ - رضي الله عنه -: عَلَيَّ دَيْنُهُ. فتقدَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فصلَّى عليهِ. وقال:"فكَّ الله رِهانَكَ مِنَ النَّارِ كما فكَكْتَ رِهانَ أخيكَ المُسلمِ، ليسَ مِنْ عَبدٍ مُسلمٍ يَقضي عنْ أخيهِ دَيْنَهُ إلَاّ فكَّ الله رِهانَهُ يومَ القِيامَةِ".
قوله:"فكَّ الله رِهانَك"، (الرِّهان) جمع: رَهْن، وهو شدُّ شيءٍ بشيءٍ, وانغلاق عينِ مالٍ بدَينٍ، واشتغال ذِمَّة أحدٍ بحقٍّ؛ يعني: فكَّ الله اشتغالَ ذِمَّتك، وأَبْرَأَ الله ذِمَّتَك عن حقوق الآدميين وعن الآثام والأوزار.
* * *
٢١٤٩ - عن أبي موسى - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنَّ أعظمَ الذُّنوبِ عندَ الله أنْ يلقاهُ بها عبدٌ بعدَ الكبائِرِ التي نَهَى الله عنها أنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وعليهِ دَيْنٌ لا يدَعُ له قضاءً".
قوله:"أن يلقاه بها عبدٌ بعدَ الكبائر ... " إلى آخره.