فالتكبُّر على الله كفرٌ، وهو أن لا يطيعه ولا يقبلَ أمره، فمَن ترك أمرًا من أوامره أو أتى منهيًا من مناهيه على اعتقادِ الاستخفاف بالله تعالى وجحودِ أمره فهو كافرٌ، وأما مَن ترك أمرًا لا على سبيل الجحود، بل اعتقد كونه حقًا، فهو عاصٍ وليس بكافرٍ.
وأما التكبر على الخلق، وهو أن يكون الخلق في خاطره حقيرًا ويعتقدَ فضلًا لنفسه على الناس، فهذا أيضًا عصيانٌ وليس بكفرٍ إن لم يكن فيه استخفافٌ للشرع، فإن كان فيه استخفاف للشرع، مثل أن يَحْقِرَ نبيًا من الأنبياء أو مَلَكًا من الملائكة، أو حقر العلماء عن اعتقادِ عدمِ عزة العلم وحُرمته، فهو كافر.
* * *
٢٢ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أَحَدٌ أصبَرُ على أذًى يسمعه مِنَ الله تعالى، يَدَّعونَ له الولَد، ثم يُعافيهم ويرزُقهم"، رواه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -.
قوله:"ما أحدٌ أصبرَ على أذى ... " إلى آخره، (أصبر): أفعل التفضيل من الصبر، وهو حبسُ النفس ومنعُها عمَّا تشتهيه وإمساكُ النفس وحبسها عن الجزع.
والصبر في صفة الله تعالى معناه: تأخير إرسال العذاب على مستحقِّي العذاب على أذًى يسمعه؛ أي: على كلام الكفار القبيح.
قوله:"يدَّعون له الولد": هذا شرحُ (أذًى)؛ يعني: يقول لي الكفار: إن لله الولد، ومَن قال مثلَ هذا فهو يستحق أن يعجَّل له العذاب في الدنيا، فالله تعالى لا يعجَّل تعذيبه بل يرزقه العافية من العذاب في الدنيا ويرزقُه المالَ وأنواع النعم، وهذه الصفةُ ليست لأحد من المخلوقات؛ لأن المخلوق إذا آذاه أحد