ولأن أبا بكر - رضي الله عنه - أعطى عائشة عشرين وسقًا من التمر دون سائر أولاده، وفضَّل عمر - رضي الله عنه - ابنه عاصمًا بإعطاء شيءٍ دون سائر أولاده.
وقال طاوسٌ وداودُ وأحمدُ وإسحاقُ بن راهويه: لا يجوز تفضيل بعض أولاده على بعض، ولو فعل لم يَصِرْ ذلك الموهوبُ ملكَ ذلك الولد، بل يجب عليه التسوية بينهم، إلا أن طاوسًا وداود يقولان: يجب التسوية بين أولاده الذكور والإناث.
وقال أحمد وإسحاق: يعطي أولاده للذكر مثلُ حظِّ الأنثيين.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أشهد على جور" عند مَن لا يجوَّزُ التفضيلَ بين الأولاد معناه: الظلم، وعند مَن يجوَّز معناه: الميل من بعض ولده إلى بعضٍ في الإعطاء، ومَن يجوِّز يكره.
* * *
مِنَ الحِسَانِ:
٢٢٣٢ - قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ لواهبٍ أنْ يرجعَ فيما وَهَبَ إلا الوالدَ مِن ولدِهِ".
قوله:"لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد من ولده"؛ يعني: لا يجوز لمن وهب شيئًا أن يسترده إلا الوالد، فإنه يجوز له أن يسترد ما وهب من ولده؛ لأن مال ولده كمال نفسه، واسترداده ما وهب من ولد نوعُ سياسةٍ وتأديبٍ للابن، فإنه ربما يرى من الولد شيئًا غيرَ مرضيًّ، فيحتاج إلى تأديبه بمثل هذا، وربما يصير محتاجًا إلى ما وَهَب، واستردادُ ما وَهَب وصَرْفُه إلى نفسه أولى مِن أكل مال ولده، وفي معنى الوالد جميع الأصول كالأم والأجداد والجدات، وبهذا قال الشافعي ومالك.
وقال أبو حنيفة: إن وهب الرجل شيئًا من ولده، أو من ذي رحمٍ مَحْرمٍ