حتى تُستَأمرَ، ولا تُنْكَحُ البكرُ حتى تُستَأذنَ، وإذنُها الصُّموتُ".
"لا تُنكَحُ الثيبُ حتى تُستأمَرَ، ولا تُنكَحُ البكرُ حتى تُستَأذَنَ، وإذنُها الصُّمُوتُ"، (الاستئمار): طلبُ الأمر، و (الاستئذان): طلبُ الإذن، وكلاهما قريبُ المعنى؛ يعني: لا يجوز للولي أن يُزوِّجَ المرأةَ الثيبَ البالغةَ بغير إذنها، فإنْ زوَّجَها بغير إذنها فالنكاحُ باطلٌ بالاتفاق، بل لا بدَّ من أن تأذنَ وليَّها بالنطق في تزويجها.
وأمَّا البكرُ فإن كان وليُّها غيرَ أبيها وجَدَّها يجوز بعد البلوغ بإذنها، وإذنُها السكوتُ، وبغير إذنها لا يجوز بالاتفاق. فأمَّا إن كان وليُّها أباها أو جَدَّها [فـ]ـلا يجوز أيضًا بغير إذنها عند أبي حنيفةَ؛ لهذا الحديث، ويجوز عند الشافعيَّ ومالكٍ وأحمدَ.
فإن كانتِ المرأةُ غيرَ بالغةٍ جاز تزويجُها لجميع أوليائها؛ ثيبًا كانت أو بِكرًا عند أبي حنيفةَ، إلا أنه إنْ زوَّجَها أبوها أو جدُّها, لم يكنْ لها الخِيارُ إذا بلَغَتْ، وإنْ زوَّجَها غيرُ الأب والجد، ثبتَ لها الخِيارُ إذا بلَغَتْ.
وعند الشافعيِّ: إن كانت ثيبًا غيرَ بالغةٍ لم يَجزْ لأحدٍ تزويجُها، وإن كانت بِكرًا جاز للأبِ والجدَّ تزويجُها, ولم يَجزْ لغيرهما.
* * *
٢٣٢٢ - وعن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأيمُ أَحَقُّ بنفسِها من وَلِيها، والبكرُ تُستَأذَنُ في نفسِها، وإذنُها صمَاتها".
قوله: "الأيمُ أحقُّ بنفسها من وليها"، (الأيم): التي لا زوجَ لها؛ يعني: يجوز للمرأة البالغة العاقلة أن تُزوَّجَ نفسَها من زوجٍ بإذنِ الوليِّ وغيرِ إذنِه؛ بِكرًا كانت أو ثيبًا، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال أبو ثَور: إنْ زوَّجَتْ نفسَها بإذن الوليِّ