اختَلَفَ، والمراد بالاشتجار: عضلُ الوليَّ المرأةَ من التزويج، والعَضْلُ: المنعُ، هكذا فسَّره الخطَّابي؛ يعني: إذا طلَبَتِ المرأةُ البالغةُ من الوليَّ بأن يُزوَّجَها من كُفءٍ، فمنعَ الوليُّ تزويجَها، فالسلطانُ أو القاضي يُزوِّجُها؛ لأن مَن مَنع حَقَّ ذي حقًّ فالقاضي يأخذُ الحقَّ من المُمتنِع، ويُوصله إلى المُستحِقَّ، فكذلك ها هنا؛ الوليُّ مُمتنِعٌ والمرأةُ مُستحِقَّةُ النكاح، فالقاضي يُزوِّجُها، وتزويجُها إيصالُ حقِّها إليها، وإنما قال:(فالسلطانُ وليُّ مَن لا وليَّ له)؛ لأنَّ المرأةَ إذا امتَنعَ وليُّها من تزويجها فكأنه لا وليَّ لها، فالسلطانُ وليُّها.
* * *
٢٣٢٧ - وعن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"البغايا اللاتي يُنْكِحْنَ أنفسَهُنَّ بغيرِ بَينَةٍ" والأصحُّ أنه موقوفٌ على ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -.
قوله:"البَغَايا: اللاتي يُنكحْنَ أنفسَهنَّ بغير بينةٍ"، (البَغَايا): جمع بَغِيَّة، وهي الزانية، من (البغَاء) بكسر الباء: وهو الزِّنا، والمراد بالبينة ها هنا: الشاهدُ عند قوم، والوليُّ عند آخرين.
فعلى التأويل الأول معناه: النساء اللاتي يُزوِّجْنَ أنفسَهنَّ بغير شهودٍ فهنَّ زانياتٌ، فإنْ كان بحضور شاهدَين صحَّ نكاحُهنَّ، وبهذا قال أبو حنيفةَ؛ لأنَّ المرأةَ عندَه يجوز لها تزويجُ نفسِها, ولا حاجةَ إلى الوليَّ.
وعلى التأويل الثاني معناه: أنَّ النساءَ اللاتي يُزوِّجْنَ أنفسَهنَّ فهنَّ زانياتٌ، وبهذا قال الشافعيُّ؛ لأنَّ المرأةَ عنده لا يجوزُ لها أن تزوجُ نفسِها، بل يُزوِّجُها وليُّها أو وكيلُه.
* * *
٢٣٢٨ - وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اليتيمةُ تُستَأمرُ في نفسِها، فإن صمتَتْ فهو إذنُها، وإن أَبَتْ فلا جوازَ عليها".