"قال: تشترط ماذا؟ ": أي: أيَّ شيء تشترط، (تشترط) فعلٌ مضارع مرفوعٌ فاعلُه فيه مضمرٌ، و (ماذا) مفعولُه، وحقُّ (ماذا) أن يكون مقدَّمًا على (تشترط) لأنه استفهامٌ، إلا أنه حُذف (ماذا) قبل (تشترط) وأُعيد بعده تفسيرًا للمحذوف.
"قلت: أشترط أن يغفر لي ربي" يعني قلت: أشترط أن يغفر لي ذنوبي وكفري إن أسلمت.
"قال: أما علمت يا عمرو! أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ "، (الهدم): تخريبُ البناء؛ يعني: أمَا علمت وأمَا سمعتَ أن الإسلام يزيل ويمحو الكفر والذنوب من الرجل، سواءٌ كان الذنوبُ مظلمةَ إنسانٍ من الدم والمال والقذف والغيبة وغير ذلك، أو كان شيئًا يكون بين العبد وبين الله تعالى من الزنى وشرب الخمر وغير ذلك من كبائر الذنوب، فمَن أسلم فكأنه وُلد من أمه في ذلك الوقت؟؛ يعني: كما أنه لا ذنبَ لطفلٍ صغيرٍ فكذلك لا ذنب لكافرٍ وقتَ إسلامه، هذا بحث الإسلام.
وأما الهجرةُ من مكة إلى المدينة لله تعالى ورسوله قبل فتح مكة، والحجُّ، لا يزيلان ويمحوان حقوق العباد، بل تبقى المَظْلمة في ذمة الرجل وإن هاجر وحجَّ حتى يؤديها إلى أصحابها، أو يستحلَّ منهم.
وأما الذنوب التي تكون بين الرجل وبين الله تعالى، فما كان من الصغائر يزولُ ويعفى بالهجرة والحج قطعًا، وما كان من الكبائر فهو في مشيئة الله تعالى، ولا يجوز القطع بأنها تزولُ وتعفى بالهجرة والحج، بل ترجو أن تعفى بالهجرة والحج ولكن لا تقطع به.
فهذه الأشياء التي قلناها في بحث الإسلام والهجرة والحج متفِقٌ عليها