قوله:"أَمسِكْ أربعًا، وفارِقْ سائرَهنَّ"، وفي هذا الحديث ثلاث أبحاثٍ:
أحدها: أنَّ أنكحةَ الكفَّار صحيحةٌ إذا أسلموا, ولا يُؤمَرُون بإعادة النكاح إلا إذا كان في نكاحهم مَن لا يجوز الجمعُ بينهنَّ من النساء كأختَين, أو العمَّةِ وبنتِ أخيها، أو الخالةِ وبنتِ أخيِها، أو كانت في نكاحهم مَن لا يجوز نكاحُها كالمَحَارم، أو تزوَّجَها في العِدَّة أو بشرطِ الخِيارِ أيامًا؛ إذا بقي عند الإِسلام من مدة العِدَّة أو الخِيار شيءٌ.
الثاني: أنه لا يجوز تزوُّجُ أكثرَ من أربعِ نسوةٍ.
الثالث: أنه إذا قال: اختَرتُ فلانةً وفلانةً للنكاح، ثبتَ نكاحُهنَّ، وحصلَتِ الفُرقةُ بينه وبين ما سوى الأربعِ، من غير أن يُطلَّقَهنَّ، أو يقول: فارقتُهنَّ.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفارِقْ سائرَهنَّ" معناه: اتركْ سائرَهنَّ، وليس المرادُ منه: وجوبَ اللفظ بالفراق أو الطلاق.
ومذهبُ الشافعيَّ ومالكٍ وأحمدَ: أنه يجوز له أن يختارَ أربعًا من جملتهنَّ، سواءٌ تزوَّجَ الأربعَ المختارةَ أولًا أو آخرًا، وكذلك لو أَسلَمَ وتحتَه أختانِ وأَسلَمَتَا معه، كان له أن يختارَ إحداهما، سواءٌ كانت المُختارةُ تزوَّجَها أولًا أو آخرًا. وقال أبو حنيفة: إنْ تزوَّجَهنَّ معًا لا يجوز له أن يختارَ واحدةً منهنَّ، وإن تزوَّجَهنَّ متعاقبات كان له أن يختارَ الأربعَ الأُولياتِ، ولا يجوز له أن يختارَ الأُخرياتِ، وكذلك الأختَين إن تزوَّجَهما معًا؛ لا يجوز أن يختارَ واحدةً منهما، وإن تزوَّجَهما متعاقبتَين، فله أن يختارَ الأُولى منهما دونَ الأخيرة.
* * *
٢٣٦٥ - عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: أسلَمَت امرأةٌ فتزوَّجَتْ، فجاءَ زوجُها إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولَ الله! إنَّي قد أسلمتُ وعَلِمَتْ بإسلامي، فانتزَعَها