يعني: وقفَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على باب المسجد لأجلي، ووقفتُ خلفَه، فأنظرَ من بين عاتقه وأذنه إلى لَعِبهم.
وهذا الحديثُ يدلُّ على استحبابِ مداراة النساءَ والتلطُّفِ بهنَّ، ويدلُّ أيضًا على جوازِ نظرِ المرأةِ إلى الرجلِ الأجنبيِّ فيما فوقَ السُّرَّة وتحتَ الرُّكبة، ويدلُّ أيضًا على جوازِ لُعَبٍ هي طاعةٌ في المسجدِ وغيرِه؛ فإنَّ اللَّعبَ بالحِراب وبجميع آلات الحرب طاعةٌ؛ لأنه يُعلِّمُ الجهادَ، والجهادُ طاعةٌ، وإنما يجوز اللَّعب بآلات الحرب إذا علمَ الرجلُ: أنَّه لا تَلحقه جراحةٌ، ولا يُلحق بصاحبه جراحةً.
قولها:"فاقدرُوا قَدْرَ الجاريةِ الحديثةِ السنِّ"؛ يعني: تدبَّروا وتفكَّروا في جاريةٍ قليلةِ السنِّ الحريصةِ على اللَّعب، كم يكون قَدرُ مكثِها في النظر إلى اللَّعب! يعني: يكون ذلك القَدرُ كثيرًا، حتَّى تَعلموا حسنَ معاشرة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته، وتلطُّفه بهنَّ.
* * *
٢٤٢٢ - وقالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأَعلمُ إذا كنتِ عني راضيةً وإذا كنتِ عليَّ غَضْبَى! فقلتُ: مِن أينَ تعرفُ ذلكَ! فقالَ: إذا كنتِ عنِّي راضيةً فإنك تقولينَ: لا وربِّ مُحمَّدٍ، وإذا كنتِ غَضْبَى قلتِ: لا وربِّ إبراهيمَ"، قالت، قُلتُ: أَجَلْ، والله يا رسولَ الله، ما أهجرُ إلا اسمَكَ.
قوله:"غَضْبَى": هذا اللفظ تأنيث: (غَضبان)، يُقال للرجل: غَضبان، وللمرأة: غَضْبَى.
قولها:"أجلْ"؛ أي: نعم، لا أَهجرُ إلا اسمَك؛ يعني: إذا غضبتُ عليك لا أتركُ حبَّك، ولا أتركُ إلا اسمَك؛ يعني: لا أَذكرُك باللسان مدةَ غضبي.
وجهُ إيرادِ هذا الحديثِ في هذا الباب: بيانُ خُلُقِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه يَعرفُ