٢٤٢٧ - وقال جابرٌ: عَزَلَهن شهرًا، أو تِسْعًا وعشرينَ ثم نزلَتْ هذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ} - إلى قوله - {فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}، فبدأ بعائشةَ رضي الله عنها فقال:"يا عائشةُ إني أريدُ أنْ أعرِضَ عليكِ أمرًا، أُحِبُّ أنْ لا تَعْجَلي فيهِ حتى تَستشيري أَبَوَيْكِ! " قالت: وما هو يا رسولَ الله؟ فتلا عليها هذه الآيةَ، فقالت: أَفيكَ يا رسولَ الله أَستشيرُ أَبَوَيَّ؟ بل أختارُ الله ورسولَه والدارَ الآخرةَ، وأسألُكَ أنْ لا تُخبرَ امرأةً مِن نسائكَ بالذي قلتُ، قال:"لا تسألُني امرأةٌ منهنَّ إلا أَخبرتُها، إن الله لم يبعَثني مُعَنِّتًا ولا مُتَعَنِّتًا، ولكن بعثَني مُعلِّمًا مُيسِّرًا"،
قوله:"ثم نزلت هذه الآية"؛ يعني: كانت زوجاتُه يُؤذينَه ولا يَرضَيْنَ بفقره، فنَزلت هذه الآيةُ؛ يعني: قلُ يا محمدُ لزوجاتك: إني اخترتُ الفقرَ في الدنيا؛ فمَن لم تَرضَ منكنَّ بفقري فَلْتَخترْ، وَلْتَأتيني حتَّى أُمتَّعَها - أي: حتَّى أُعطيَ مَهرَها - وأُسرَحَها سراحًا جميلًا؛ أي: وأُطلِّقَها طلاقًا لا ضررَ فيه ولا إيذاءَ، ومَن رضيَ بفقري وأرادتِ الآخرةَ، فإن الله سيُعطيها عوضَ مشقَّتها أجرًا عظيمًا.
قوله:"حتى تستشيري أَبوَيك"؛ يعني: لا تَعجلي في جوابي من تِلقاء نفسِكِ، بل أستَشِيري أبوَيك؛ ليكونَ جوابُك إياي عن رضاك ورضا أبوَيك.
قولها:"أسألك أن لا تُخبرَ امرأة"؛ يعني: وأَطلبْ منك أن لا تُخْبرَ واحدةً من زوجاتك بأني رضيتُ بنكاحك، ومرادُها في هذا الكلام: أنَّ نساءَه لو علمْنَ أنَّ عائشةَ رضيَتْ بنكاحه، لَوافقْنَها بالرِّضا بنكاحه، ولو لم يَعلَمْنَ أنَّ عائشةَ رضيَتْ بنكاحه، فلعلَّهنَّ يَختَرْنَ فراقَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فيُفرَد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعائشة.
قوله:"مُعنِّتًا"؛ أي: مُؤذيًا ومُوقعًا أحدًا في أمرٍ شديدٍ.
"ولا مُتعنِّتًا"؛ أي: ولا طالبًا لزَلَّة أحد، الزَّلة: الخطأ والإثم.