فلما قرأ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآيةَ عليهنَّ، فاختارَتِ الزوجاتُ التسعُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - والدارَ الآخرةَ، ورضينَ بالفقرِ وتركِ زينة الدنيا، فبَقينَ في نكاحه حتى تُوفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما اختَرْنَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نزل قولُه تعالى:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}[الأحزاب: ٥٢]؛ يعني: فلما اقتضى كرمُهنَّ أنْ يَتركْنَ زينةَ الدنيا وَيختَرْنَك اقتضَى كرمُنا القديمُ أن نُحرِّمَ عليك أن تتزوَّجَ بامرأة غيرِهنَّ بعدَما اختَرْنَ الله ورسولَه - صلى الله عليه وسلم -، {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} يعني: ولا أن تُطلَّق واحدةً منهنَّ، وتتزوَّجَ بدل المُطلَّقة امرأةً أخرى.
وقيل: نُسخت هذه الآيةُ بقوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ}[الأحزاب: ٥١]، معناها عند هذا القائل: إباحةُ التزوُّج له غيرَهنَّ.
* * *
٢٤٢٨ - وقالت عائِشَةُ رضي الله عنها: كُنْتُ أغارُ على اللائي وَهَبن أنفسَهن لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: أَتَهَبُ المرأةُ نفسَها؟ فلمَّا أنزلَ الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}، قلتُ: ما أَرَى ربَّكَ إلا يُسارعُ في هَواكَ.
قولها:"أغار": هذا نفسُ مُتكلِّمٍ (١)، من (الغَيرة).
* * *
مِنَ الحِسَان:
٢٤٢٩ - عن عائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّها كانت معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، قالت: فسَابقتُه فسَبقتُه على رِجْلَيَّ، فلمَّا حَمَلتُ اللحمَ سابقتُه فسبَقَني،