اعلمْ أنَّ الخُلْعَ مُعاوضةٌ يُشترَط فيه تراضي الزوجَين، ولا يجوزُ أن يُجبَرَ أحدُهما على الخُلْع، ويجوز الخُلْعُ فيما تَراضَى الزوجانِ من قليلِ المالِ وكثيرِه؛ فلو قال الزوجُ: طلَّقتُك على كذا دينارًا، أو على أن تُعطيني كذا، فقبلَتِ الزوجةُ؛ وَقَعَ الطلاقُ بائنًا بلا خلافٍ. أمَّا لو قال: خالَعتُك على كذا، فقالت: قبلتُ؛ حصلَتِ الفُرقةُ بينهما، واختُلِفَ في أنَّ هذه الفُرقةَ طلاقٌ أم فَسخٌ؟
فمذهبُ أبي حنيفةَ ومالكٍ وأصحُّ قَولَي الشافعيُّ: أنَّه طلاقٌ بائنٌ، كما لو قال: طلَّقتُكِ، ومذهبُ أحمدَ وأحدُ قولَي الشافعيَّ: أنه فسخٌ.
والفرقُ بين الطلاق والفَسخ: أنَّه لو لم يُطلِّقْها قبلَ ذلك، فلما اختَلعَها انقطعَ النكاحُ بينهما، فلما جَدَّدَ نكاحَها بعد ذلك تعود إلى نكاحها بثلاثِ تطليقات، فلو كان الخُلْعُ طلاقًا وَقعَ بالخُلْع طلقةٌ، فلما جَدَّدَ نكاحَها تعود إلى نكاحه بطلقتَين.
* * *
٢٤٤٤ - عن عبد الله بن عُمرَ - رضي الله عنهما -: "أَنَّه طلَّق امرأةً له وهي حائضٌ، فذكرَ عمرُ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فتغَيَّظَ فيهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "لِيُراجِعْها، ثم ليُمْسِكْها حتى تَطْهُرَ، ثم تحيضَ فتَطهُرَ، فإِنْ بَدا لهُ أنَّ يُطلِّقَها فليُطلِّقْها طاهرًا قبلَ أنْ يَمَسَّها، فتِلكَ العِدَّةُ التي أمرَ الله أنَّ تُطَلَّقَ لها النساءُ".
وفي روايةٍ: "مُرْهُ فليُراجِعْها، ثم ليُطلِّقْها طاهِرًا أو حامِلًا".
قوله: "إنه طلَّق امرأةً له وهي حائضٌ ... " إلى آخره.
"فتغيَّظ"؛ أي: غضب، ووجه تغيُّظه: أنَّ الطلاقَ في الحَيض بدعةٌ؛ لأنَّ الطلاقَ في الحَيض يُطوِّل عِدَّةَ المرأة؛ لأنه تنقضي عِدَّتُها إذا دخلَتْ في الحَيضة الرابعة، فلو طلَّقَها في الطُهر، تنقضي عدتُها إذا دخلَتْ في الحَيضة الثالثة.