قوله:"لِيُراجعْها"؛ يعني: لِيَقلْ: راجعتُها إلى نكاحي؛ لِيزولَ عنه إثمُ التطليق في حال الحَيض، ثم إذا راجعَها لِيُمسكْها حتَّى يمضيَ عليها بعدَ الرجعة طُهرانِ أو أكثرُ، ثم إن شاء طلَّقَها، وإنما يُشترَط أن يمضيَ عليها بعدَ الرَّجعة طُهرانِ؛ لأنه لو طلَّقَها في الطُهرِ الذي يأتي بعد الرَّجعة تكونُ رَجعتُها لأجل الطلاق، ولو لم يُطلِّقْها بعدَ الرَّجعةِ حتَّى يمضيَ عليها طُهرانِ لم تكنِ الرَّجعةُ لأجل الطلاق؛ لأنه لو كان لأجل الطلاق لَطلَّقَها في الطُهر الأول بعدَ الرَّجعة.
قوله:"فإن بدا له"؛ يعني: فإن بدا له إرادةُ التطليق.
قوله:"فليُطلِّقها طاهرًا قبل أن يَمسَّها"؛ أي: قبلَ أن يُجامعَها في الطُّهر الَّذي يُطلِّق فيه، وإنما اشتُرط أن يُطلِّقَها قبلَ أن يُجامعَها في ذلك الطُّهر؛ لأنَّ التطليقَ في طُهرٍ جامَعَها فيه بدعةٌ، لأنه يُورِث الندامةَ، لأنَّ الرجلَ ربما طلَّقَ على ظنٍّ أنَّ المرأةَ لم تكنْ حاملًا، فلما علمَ بعد الطلاق أنها حاملٌ ندمَ، وطلاقُ البدعة ليس إلا التطليق في الحَيض، أو في طُهر جامَعَها فيه.
قوله:"فتلك العِدَّة التي أَمر الله أن يُطلَّقَ لها النساءُ"؛ أي: الطلاقُ في الطُّهر الذي لم يُجامِعْها فيه هو طلاقُ السُّنَّة، وتلك الحالةُ هي الحالةُ التي أَمر الله الرجالَ أن يُطلِّقوا النساءَ فيها.
* * *
٢٤٤٥ - وقالت عائِشَةُ رضي الله عنها: خَيَّرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاختَرْنا الله ورسولَه، فلم يُعَدَّ ذلكَ علينا شيئًا.
قول عائشة:"خيَّرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاختَرْنا الله ورسولَه، فلم يُعَدَّ ذلك علينا شيئًا": سببُ تكلُّمِ عائشةَ بهذا الكلام: أنه قال أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب وزيدُ بن ثابت - رضي الله عنهما -: إنَّ مَن قال لزوجته: اختاري نفسَك أو إياي، فقالت لزوجها: اخترتُك؛ أنه وقعَ طلاقٌ رَجعيٌّ، وبه قال مالكٌ.