وقالت عائشة مع جماعةٍ من الصحابة: لم يقعِ الطلاقُ، فقالت عائشة: فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خيَّرَنا بين الطلاق وبين النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}[الأحزاب: ٢٨] إلى آخر الآية، فاختَرْنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم يُعَدَّ ذلك؛ أي: فلم يحكمْ علينا بطلاقٍ بأن قلْنا: اختَرْنا الله ورسولَه، ومذهبُ الشافعيَّ وأبي حنيفةَ كمذهب عائشةَ.
وأمَّا لو قال الزوجُ لامرأته: اختاري نفسَك وإياي، فقالت: اختَرتُ نفسي؛ وقعَ به طلاقٌ رَجعيٌّ عند الشافعيِّ وأحمدَ، وطلاقٌ بائنٌ عند أبي حنيفةَ، وثلاثُ تطليقاتٍ عند مالكٍ.
* * *
٢٤٤٦ - وقال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - في الحرامِ: يُكَفَّرُ، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}".
قول ابن عباس في الحَرام: "يُكفَّر"؛ يعني: لو قال أحدٌ لامرأته: أنتِ عليَّ حرامٌ، أو: حرَّمتُك؛ فإن نَوَى به الطلاق فهو طلاقٌ، وإن نَوَى به الظِّهارَ فهو ظِهارٌ، وإن لم يَنوِ شيئًا، أو نَوَى تحريمَ ذاتها، لم يكنْ طلاقًا ولا ظِهارًا، ولا تَحرُم عليه، بل يجب عليه كفَّارةُ اليمين بمجرَّدِ هذا اللفظ.
ولو قال لأَمَتِه هكذا، فإن نَوَى العتقَ عَتقَتْ، وإن لم يَنوِ شيئًا، أو نَوَى تحريمَ ذاتها، لم تَحرُمْ عليه، وتجبُ عليه كفَّارةُ اليمين، ولو قال لطعام: هذا عليَّ حرامٌ، أو: حرَّمتُه على نفسي، لم يَحرُمْ عليه، ولم يجبْ عليه شيءٌ، وهو مذهبُ الشافعيِّ، وقال أبو حنيفةَ: لفظُ التحريم يمينٌ، فإذا قال لامرأته أو جاريته: أنتِ عليَّ حرامٌ، أو: حرَّمتُك فهو كما لو قال: والله لا وطِئتها، فلو وَطِئها، لزمَه كفَّارةُ اليمين، ولو قال لطعام: هذا عليَّ حرامٌ، أو: حرَّمتُه عليَّ، فلو أكلَه، لزمَتْه كفَّارةُ اليمين، وقال أحمد: لفظُ الحَرام في المرأة ظِهارٌ، وقال