سهلٌ: فَتلاعَنَا في المسجدِ وأنا مَعَ الناسِ عندَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما فَرَغا قال عُوَيمرٌ: كذبتُ عليها يا رسولَ الله إِنْ أَمسكتُها، فطلَّقَها ثلاثًا، ثم قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "انظُرُوا! فإنْ جاءَتْ بهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ العَيْنينِ، عظيمَ الأَليتينِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فلا أحسِبُ عُوَيمِرًا إلا قد صَدَقَ عليها، وإنْ جاءَتْ بهِ أُحَيمِرَ كأنه وَحَرَةٌ، فلا أَحسِب عُوَيمرًا ألا قد كذبَ عليها"، فجاءَت بهِ على النَّعتِ الذي نعتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن تصديق عُوَيمرٍ، فكانَ بعدُ يُنسَبُ إلى أمِّه.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أُنزل فيك وفي صاحبتك"؛ يعني: أَنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}[النور: ٦] إلى آخر الآيات، معنى (يَرمون): يقذفون بالزِّنا؛ يعني: مَن قال لامرأته: زَنيتِ، أو: أنتِ زانيةٌ؛ وجبَ عليه جلدُ ثمانين سَوطًا، إلا أن يأتِيَ بأربعةِ رجالٍ عُدولٍ يشهدون أنهم رأَوا تغييبَ حَشَفة الزاني في فَرج الزانية، فإن لم يكن شهودٌ بهذه الصفة، فله أن يَدفعَ الحدَّ عن نفسه باللِّعان، واللِّعانُ أن يقولَ أربعَ مراتٍ: أشهدُ بالله أني لَمِنَ الصادقين فيما رميتُها به من الزِّنا، وإن كان قد نفى ولدًا يجب عليه في كلِّ مرةٍ أن يقولَ بعد هذا: وأنَّ هذا الولدَ من الزِّنا ليس مني، ويقول بعد المرة الرابعة: عليَّ لعنةُ الله إن كنتُ من الكاذبين.
فحينَئذٍ بانَتْ منه، وحرُمتْ عليه على التأبيد، وانتفى عنه الولدُ، وسقط عنه حدُّ القَذْف، ووجب على المرأة حدُّ الزِّنا.
فإن أرادت أن تدفعَ عن نفسها الحدَّ، فطريقُها أن تُلاعنَ بعد لِعان الزوج؛ بأن تقولَ أربعَ مراتِ: أشهدُ بالله أنه لَمِنَ الكاذبين فيما رماني به من الزِّنا، وتقول بعد الرابعة: وعليَّ غضبُ الله إن كان من الصادقين.
ولا فائدةَ للِعانها إلا إسقاطُ حدِّ الزِّنا عنها.
هذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا حدَّ على الزوج،