قوله:"ولا يَلحق إذا كان أبوه الذي يُدعَى له أنكرَه"؛ يعني: إذا قال السيد: ليس هذا الولدُ مني، [فـ]ـلا يجوز لورثته أن يَستلحقوا ذلك الولدَ بعد موت أبيهم؛ لأنَّ الولدَ انتَفى عن أبيهم بانكاره الولدَ، وإنما ينتفي الولدُ عنه إذا ادَّعى الاستبراءَ، وهو أن يقول: مضى عليها حَيضٌ بعد أن وطِئتُها، وما وطئتُها بعد مضي الحَيض حتى ولدَتْ، وحلفَ على الاستبراء، فحينَئذٍ ينتفي عنه الولدُ.
قوله:"فإن كان الَّذي يُدعَى هو ادَّعاه، فهو ولدُ زَنْيةٍ من حرَّة كان أو أَمَة".
* * *
٢٤٨٠ - عن جابرِ بن عَتيكٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"مِن الغَيْرَةِ ما يُحِبُّ الله، ومنها ما يُبْغِضُ الله، فأمَّا التي يُحبُّها الله: فالغَيْرةُ في الرِّيبةِ، وأمَّا التي يُبغِضُها الله: فالغَيْرةُ في غيرِ رِيبةٍ، وإنَّ مِن الخُيَلاءِ ما يُبْغِضُ الله، ومنها ما يحبُّ الله، فأمَّا الخُيَلاءُ التي يحبُّ الله: فاختيالُ الرجلِ عندَ القِتالِ واختيالُه عندَ الصَّدقةِ، وأمَّا التي يُبْغِضُ الله تعالى: فاختيالُهُ في الفخرِ". ويُروى:"في البَغْيِ".
قوله:"فالغَيرة في الرِّيبة"، (الرَّيبة): التُّهمة؛ يعني: إذا علمَ الرجلُ أنَّ زوجتَه أو أَمَتَه أو غيرَهما من أقاربه تدخل على أجنبيًّ، أو يدخل أجنبيٌّ عليها، أو يجري بينهما مزاحٌ وانبساطٌ فها هنا موضعُ الرِّيبة؛ فينبغي للرجل أن لا يَرضَى بهذا، بل يدفعُ تلك المرأةَ عن الأجنبيِّ، ويدفع الأجنبيَّ عن الدخولَ عليها والانبساط معها؛ فإنَّ هذه الغَيرةَ يحبُّها الله. وأمَّا إذا لم يرَ عليها الدخولَ على أجنبيٍّ، ولا دخولَ أجنبيٍّ عليها، ولكن يقع في خاطره ظنُّ سوءٍ في حقِّها من غير أن يَرى بها أمارةَ فاحشةٍ فالغَيرةُ - أي: ظنُّ السوء - ها هنا ليسـ[ـت]، مما يحبُّها الله، بل يُبغضها الله؛ لأنَّ ظنَّ السوء في حقِّ الناس من غير أمارةٍ ظاهرةٍ مذموم.